responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأصول في علم الأصول المؤلف : الإيرواني، الشيخ علي    الجزء : 1  صفحة : 109

الثالث: أن يأمر بأحد الضدّين مطلقا و بالآخر معلّقا على عدم ثبوت التأثير للأوّل في الإطاعة، و عدم البعث و التحريك نحو متعلّقه.

و هذا هو محلّ النزاع، و منشأ البحث و النزاع هو البحث فيما هو مناط قبح الأمر بالضدّين في عرض واحد، و أنّه هل يعمّ المقام ممّا كان الأمر بهما على سبيل الترتّب، أولا؟

فالواجب استعلام المناط المذكور ليعلم أنّه هل يعمّ المقام، أو لا؟

فاعلم أنّا إذا لاحظنا الطلب من مبدئه الأعلى إلى مقامه السافل- و هو مقام إنشائه و بعث المكلّف على طبقه- نرى أمورا متدرّجة مترتّبة. فأوّل ما نجد هو المصالح و المفاسد القائمة بالمتعلّقات- بناء على تبعيّة التكاليف لمناطات في المتعلّق- ثمّ من بعد ذلك نرى إدراك المولى لتلك المناطات و تصوّره لها، ثمّ تصديقه بوجودها، ثمّ شوقه إليها- بناء على أنّ الإرادة هي الشوق المؤكّد الناشئ من العلم بالصلاح دون نفس العلم بالصلاح- ثمّ بعثه نحو الفعل، و هذا البعث بإزاء حركة العضلات لتحصيل المقدّمات في إرادة الفعل بالمباشرة.

و كلّ هذه المراتب كما تتحقّق في الأفعال الممكنة كذلك تتحقّق في الأفعال الممتنعة سوى البعث؛ فإنّه و إن أمكن أيضا تحقّقه بالنسبة إلى الأفعال الممتنعة لكنّه قبيح، فلذلك يقبح طلب الضدّين بمعنى البعث إليهما؛ و ذلك لأنّ البعث إنّما يكون لغاية انبعاث العبد، و فيما لا يعقل الانبعاث لا يعقل البعث من الحكيم؛ لكونه لغوا قبيحا. و لعلّنا نتعرّض لمعقوليّة أمر العصاة في مقام أنسب من هذا المقام. فالأمر بالضدّين محال و قبيح بمقام بعثهما لا بمقام إرادتهما؛ و ذلك لكونه بعثا نحو المحال لا أنّ اجتماعهما في ذاتهما محال.

و حينئذ نقول: إنّ لاجتماع البعثين مرتبتين: مرتبة اجتماعهما بذاتهما، و مرتبة اجتماعهما بوصف كونهما باعثين محرّكين. أمّا اجتماعهما في ذاتهما، فذلك ممّا لا مانع منه لعدم المضادّة بين ذات البعثين. و إنّما المضادّة بين وصفين مترشّحة من مضادّة المبعوث إليهما، و في الحقيقة المضادّة هي تلك المضادّة بعينها لا غيرها، و حينئذ فإذا فرضنا بعثين ليس وصف باعثيّتهما نحو المتعلّق عرضيّين على أن يكون بعث كلّ منهما في [مستوى‌] سطح بعث الآخر و عرضه بل اختصّ اقتضاء أحدهما بموضوع عدم اقتضاء الآخر و في وعاء عدم تأثيره، لم يكن باجتماعهما بأس. بل كان اجتماعهما من قبيل اجتماع ذات البعثين لا اجتماعهما بما هما باعثان.

اسم الکتاب : الأصول في علم الأصول المؤلف : الإيرواني، الشيخ علي    الجزء : 1  صفحة : 109
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست