الشارع أوجب وقوع المكلّف في خلاف الواقع أزيد ممّا لو نصب له طريق.
و أمّا لو كان الشارع العالم بعواقب الامور عالما بأنّه لو نصب له طريقا ما يفرق حاله مع ما لو لم ينصب له ذلك.
بيان ذلك: أنّه عند عدم نصب الطريق من الشارع للجاهل بالواقع يرجع إلى حكم العقل، و يحتاط بقدر ما لم يلزم العسر، و في البعض الآخر يرجع إلى البراءة بحكمه أيضا.
فلو فرضنا أنّ الطريق الموصل من الشرع لو كان منصوبا إنّما هو بمقدار ما يحكم العقل به عند عدم نصبه بالاحتياط، و البعض الآخر منه، ملق له في خلاف الواقع، فسكوت الشارع في مثل هذا الفرض أنّى يلزم منه تحليل و تحريم بجميع معانيهما؟!
و لو فرض أنّ الطريق المنصوب منه، الموصل منه يكون أزيد من الطريق العقلائي الّذي هو مرجع عند عدم قيام الطريق الشرعي، فعند ذلك بالنسبة إلى المقدار الزائد الفائت فيه الواقع، و لكن مع ذلك لا يصدق تحريم الحلال و تحليل الحرام بجميع معانيه، بل يلزم نقض الغرض و تفويت الواقع.
و أمّا اجتماع الضدّين، و تحليل الحرام أو العكس لا يلزم؛ ضرورة أنّه ليس للشارع إنشاء حتّى يلزم اجتماع المحبوبيّة المبغوضيّة، بل إنّما هو صرف ترك البيان، و نصب الطريق.
و كذلك المفروض أنّه في الواقعة المجهول حكمها إنّما هو كالبهائم، فليس له حكم حتّى يلزم تبديله.
مع أنّ الظاهر أنّ مراد المستدلّ من التحريم و التحليل هذا المعنى.