العمدة في دليله هو أنّه يلزم من التعبّد بغير العلم تحليل الحرام و تحريم الحلال، و الظاهر أنّ المراد بالحلال المعنى الأعمّ القابل للاجتماع مع الواجب و الانطباق عليه و [على] غيره.
ثمّ إنّ هذا الدليل بحسب المراد ذو احتمالات:
منها؛ أن يكون الغرض منه لزوم تفويت المصلحة و الوقوع (الإيقاع) في المفسدة في العمل بغير العلم.
[و] منها؛ لزوم اجتماع الضدّين إذا خالف الطريق الواقع.
و منها؛ لزوم جعل القبيح حسنا أو بالعكس فيما لو كان شيئا حراما، ثمّ تؤدّي الأمارة إلى إباحته أو وجوبه و استحبابه، أو العكس.
و منها؛ لزوم نقض الغرض.
و كلّ ذلك قبيح من الحكيم بل محال.
فإن كان المراد الاحتمال الأوّل؛ فالجواب عنه أنّ التفويت و الإيقاع قبيح لو لم يعارضه مصلحة أقوى، و الدفع عن المفسدة الأهمّ، و إلّا فيجب ذلك على الحكيم، كيف يكون قبيحا عليه؟ و الحاكم بذلك العقل الضروري الفطري الحاكم بالأوّل، كما مثّل لذلك بعمل العامي بفتوى المجتهد بأنّه لا يكون له شيء أبعد من تحريم الحلال و تحليل الحرام من العمل بفتوى الفقيه.
و إن كان المراد الثاني؛ فالجواب عنه هو أنّه إنّما يلزم ذلك لو التزمنا بأنّ في مؤدّى الأمارات تحدث مصلحة سوى المصلحة الواقعيّة.
و بعبارة اخرى: لو قلنا بأنّ حجيّة الأمارات إنّما هي من باب السببيّة، و أمّا لو قلنا بأنّها إنّما جعلت طريقا بحيث لا يكون مفادها في صورة المخالفة إلّا