ثمّ إنّ ابن قبة لمّا كان منكرا للإمكان الواقعي؛ فإبطال دليله يكفي في إثبات الإمكان، ضرورة أنّ إبطال الامتناع الواقعي الّذي هو مراده يثبت الإمكان بمعنى أنّه ملازم له.
و لكن لا يكفي ذلك في إثبات أصل المدّعى، لأنّ الغرض إثبات الإمكان الوقوعي قبالا لكلامه المثبت لامتناع الوقوع.
و طريق إثباته هو أنّه بعد أن أبطلنا دليله و استقصينا، فما وجدنا أن تترتّب على التعبّد به محذورات أخر إمّا للغفلة عن بعض الجهات، و إمّا لأنّ الاستقصاء العادي يكتفى به في حصول العلم العادي بالإمكان الواقعي، لحصول القطع بعدم ترتّب المحذور.
و كيف كان؛ يكفي ذلك في إثبات الإمكان واقعا، و إن استشكل شيخنا (قدّس سرّه) في ثبوت القطع بذلك، و قال: (إنّ حصول القطع بعدم لزوم المحذور بالعمل بغير العلم منحصر بالعالم بجميع الجهات المحسّنة و المقبّحة في الأشياء) [1].
و لذا اكتفى في إثباته بعدم العلم بلزوم محذور في العمل بغير العلم.
ثمّ اعترض عليه بما في الحواشي مسطور من تقسيم الإمكان بالأقسام الثلاثة، و جعل محلّ النزاع الإمكان الوقوعي، و جعل مركز النقض و الإبرام الإمكان الظاهري [2].
و الأمر في ذلك سهل، و المهمّ صرف عنان الكلام إلى شرح دليل المنكر و ردّه، فنقول: