نعم؛ لمّا كان إحداث الغارس عن حقّ، فاحترام ماله يقتضي أن يكون على صاحب الأرض تدارك الخسارة المتوجّهة إليه، بأن يعطيه التفاوت بين الشجرية و الخشبيّة لو أوجب القلع تبديله كذلك مثلا؛ إذ سلطنة صاحب الأرض على ماله الموجبة لجواز تفريغ أرضه بقلع شجر المستعير، لا يسقط احترام مال المستعير أو اتلافه بلا تدارك، بل غايتها أنّ له- مقدّمة لتفريغ أرضه- قلع الشجر [1]، و لكن لمّا لم يكن صاحبه غاصبا فاحترام ماله يقتضي الجبر، كما أنّ لصاحب الشجر قلعه، و عليه أيضا طمّ الحفر و جبر الخسارة الواردة على الأرض.
فلذلك؛ نقول في المقام أيضا: لصاحب القفص التصرّف فيه، و على مقتضى هذه القاعدة الّتي أسّسناها لا يبقى الشكّ في ذلك، حتّى يكون محلّا للأصل.
هذا بناء على تسليم القاعدة المذكورة، كما يظهر من فتوى المشهور، و أمّا لو انكرت لقاعدة «الإتلاف» أو قاعدة «لا ضرر» فبني على حرمان كلّ من المالكين عن التصرّف في ماله بعد إذنه، فحينئذ أيضا لا شكّ في عدم جواز التصرّف و حرمته، و ليس مقتضى البراءة أيضا محقّقا حتّى يكون قابلا لمنع شيء عن إجرائها.
فاتّضح ممّا ذكرنا؛ أنّ هذا الشرط كسابقه ليس له موقع أصلا؛ إذ قد عرفت في المثال الّذي أورده في جميع صوره [أنّ] عدم جريان البراءة قطعيّ، إمّا لوجود دليل الجواز او دليل الحرمة؛ كما لا يخفى.
أقول: بقي شيء، و هو أنّ ظاهر كلام الفاضل (قدّس سرّه) يعطي أنّ أحد الأمرين من الحكم التكليفي المحض و هو الحرمة، أو الوضعي و هو الضمان، يستفاد من إحدى
[1] بإلزامه صاحبه عليه، أو رجوعه إلى الحاكم في ذلك، أو جواز مباشرته بنفسه على الخلاف المذكور في محله؛ «منه (رحمه اللّه)».