اخرى عن الحكم بعدم ترتّب اللازم على ملزومه؛ إذ معنى الاشتراط المزبور حينئذ: أنّه إذا أمكن التفكيك بين أصل البراءة في أحد الطرفين و إجراء الاشتغال في الطّرف الآخر، فيكون محلّ إجراء البراءة، إلّا أن يكون مرجع الاشتراط المزبور حينئذ إلى عدم كون الأصل مثبتا، و هو كما ترى، فتأمّل! فإنّه يمكن الدعوى بأنّ مراد المحقّق من الشرط المزبور هو: أنّه لمّا كان الغرض من إجراء البراءة هو حصول السعة للمكلّف امتنانا له، فلا بدّ أن لا يلزم من إجرائه ضيق عليه، حتّى يلزم نقض الغرض و خلاف الامتنان، ففي مثال الإناءين و نحوه لمّا لا يمكن التفكيك المزبور، فلا لا يجوز إجراء البراءة؛ للزوم المحذور المذكور، فليس هذا حكما بالتفكيك.
و بالجملة؛ فانقدح ممّا أفاده- (دام ظلّه)- أنّ الاشتراط المزبور لا يرجع إلى محصّل؛ إذ على كلّ تقدير إمّا أنّه لا محيص عن إجراء الأصل، و لو استلزم ثبوت التكليف في موضوع آخر، و إلّا يلزم القول بالتفكيك بين الحكم و موضوعه، و اللازم و ملزومه، و إمّا أنّه لا مقتضي لثبوت التكليف رأسا حتّى يكون قابلا لجعل شيء مانعا عنه، كما لا يخفى.
ثانيهما؛ أن لا يتضرّر بإعمال البراءة مسلم، و مثّل لذلك بما لو فتح إنسان قفص طائر فطار طيره، فلا يجوز إجراء البراءة لافتتاحه؛ لدخوله في قاعدة «الإتلاف» أو «لا ضرر و لا ضرار» .. إلى آخر كلامه (قدّس سرّه) [1].
و نقول في توضيح المقام: إنّ القفص الّذي يتصرّف فيه الشخص مثلا، إمّا أنّه مال لنفسه، كما لو أعاره لصاحب الطير، أو ليس ماله، ففي الثاني لمّا ليس له