نقول؛ إنّ كلّ حكم شرعيّ إذا قيس إلى حكم آخر، إمّا أن يكون بينهما ربط أو لا، فالأوّل بأن يكون أحد الحكمين موضوعا أو شرطا للآخر، مثل ما مثّل به شيخنا (قدّس سرّه) من المستطيع الّذي شكّ في اشتغال ذمّته بدين مانع عن تحقّق الاستطاعة، فإنّ من آثار الأصل الموضوعي الجاري في المشكوك فيه- و هو الحكم بالبراءة الظاهريّة- استقرار وجوب الحجّ، بحيث يكون هذا الحكم الظاهري بمنزلة ملزوم لوجوبه، و موضوعا له، فإن كان المراد من الشرط المذكور عدم إجراء الأصل في مثله، فهذا يكون من قبيل الحكم بانفكاك اللازم عن الملزوم؛ إذ بعد فرض أن يكون الوجوب من قبيل اللوازم و الآثار للحكم بالبراءة عن الدين؛ فالمنع عن إجراء الأصل حينئذ حكم بالتفكيك بين اللّازم و الملزوم، فكما أنّه مستحيل بالنسبة إلى اللوازم الخارجيّة و العقليّة؛ فهكذا في الجعليّات و اللوازم الشرعيّة الّتي هي كاشفة عن ثبوت اللزوم عقلا بينها و ملزوماتها [1].
و لا يخفى؛ أنّ الوجوب المذكور ليس من آثار عدم الاشتغال الواقعي بالدين، حتّى يدخل المثال في باب العلم الإجمالي، و قد كان فيه إشكال أوضحنا رفعه في المباحث السابقة.
و أمّا في الثاني، بأن لم يكن ربط بين الحكمين شرعا، سواء كان بينهما ربط و لزوم عقلي أو عادي أم لا، فحينئذ لا مقتضي للشرط المذكور أصلا.
توضيح ذلك؛ إنّه لا إشكال في أنّ أصل البراءة ليس من الاصول الشرعيّة من قبيل الاستصحاب الّذي مفاده ترتيب آثار الواقع الّذي لازمه حجّية مثبته، كما قد يقال، بل هو حكم و وظيفة ظاهريّة في ظرف الشكّ بلا نظر إلى الواقع، حتّى