أي في وجوبها؛ ضرورة أنّ القدرة على الامتثال عند العمل باقية من جهة أنّه لما كان المكلّف ملتفتا إلى الحكم و لو بالاحتمال، و ليس جاهلا مركّبا، فيمكنه الاحتياط؛ لكون صورة العمل في ذهنه حاضرة، و كذلك احتمال الحكم، فلا يتطرّق هذا الاحتمال أصلا.
هذا كلّه بالنسبة إلى عالم التصوّر، و أمّا تحقيق الأمر و تصديقه، فأمّا احتمال كون تحصيل الأحكام و تعلّمها واجبا نفسيّا- مع كون وجوبه عقلا من المرتكزات- ففي كمال البعد، مضافا إلى ما [في] نفس الأخبار من القرائن، مثل قوله (عليه السّلام):
«هلّا تعلمت» و نحوه [1] الدالّة على كون لزوم التعلّم للعمل و امتثال التكاليف، و أنّه لا معنى للتحضيض و الترغيب على أمر إلّا فيما لو كانت مطلوبيّة الأمر مع قطع النظر عن التحضيض مسلّمة من الخارج، و من المعلوم أنّه ليس لنا أوامر أخر تستفاد منها مطلوبيّة التعلّم شرعا، بل منحصرة بحكم العقل به، فحينئذ يتحقّق موضوع الإرشاد.
مع أنّه لو كان الأمر به مولويّا؛ و لم يكن وجوب التعلّم مرتكزا في ذهن السامع، كان له أن يعتذر عن تركه العمل بعدم علمه بالتكليف، و جهله بلزوم تحصيل العلم، فمن عدم بقاء المورد للاعتذار يستكشف أنّ لزوم الأمر كان مركوزا في ذهن المسئول عنه، و لم يكن يستفيد من الأمر في الأخبار المولويّة، كما لا يخفى فتأمّل! فإنّه ليس [إلّا لأنّه] لا بدّ و أن يكون ما يحضّ عليه مطلوبيّته ثابتة من الخارج، بل يمكن أن يؤمر بشيء بصورة التحضيض لاشتداد الطلب المتعلّق به.