ثمّ إنّه اتّضح ممّا بيّنّا في كون قوله: «هلّا تعلّمت» ظاهرا في الإرشاد، و منصرفا إلى ما يحكم به العقل محضا، فلا يبقى مجال لباقي الاحتمالات فيه، الّتي منها كون المراد به إيجاب التعلّم طريقيّا، مثل إيجاب الاحتياط، [و] منها احتمال إيجابه المقدّمي لامتثال الأحكام، و على هذين الاحتمالين كان العقاب في ترك التعلّم على مخالفة الواقع، و منها احتمال كون الوجوب نفسيّا و هو أيضا على احتمالين:
أحدهما؛ الإيجاب التهيّئي، فيكون التعلّم مطلوبا نفسيّا، و لكن لأن يتهيّأ العبد لتتوجّه إليه الأحكام و التكاليف ليمتثل وقتها، فيكون هذا الاحتمال أيضا كالأوّلين في كون العقاب على مخالفة الواقع، و دائرا مدار فوت الغرض.
ثانيهما؛ الإيجاب النفسي الاستقلالي، كما نسب إلى صاحب «المدارك و شيخه الأردبيلي [1] فالعقاب حينئذ على نفس ترك التعلّم.
بعد ما أحطت خبرا بما ذكرنا؛ تعلم أنّه لا مجال لشيء من هذه الاحتمالات، مضافا إلى بعد الاحتمال الأوّل، و أنّ وجوب التعلّم نفسيّ.
و أمّا الوجوب المقدّمي؛ إنّما يتمّ إذا أوجب الجهل بالحكم الغفلة عن صورة العمل رأسا، و إلّا لا يتمّ بالنسبة إلى الجاهل الملتفت حين العمل، كالجاهل بوجوب السورة، مع كونه ملتفتا في حال الصلاة في الجملة، بأن يكون شاكّا فيها،
[1] مدارك الأحكام: 2/ 345، مجمع الفائدة و البرهان: 2/ 110.