من الطرفين المشكوكة طهارته تفصيلا، فهذه عناوين ثلاثة موجودة في الذهن مستقلّا، و لكن لمّا كان النظر إلى هذه الامور عبوريّا الّذي قد عبّرنا عنه سابقا بالفارسي (خارج ديده) فلذلك يتوهّم كونه موجودا فيه، مع أنّه ليس كذلك بالضرورة، لما عرفت من أنّه ليس في الخارج أمر واحد و شيء فارد، فكيف يعقل أن يتّصف بهذه العناوين مجموعا؟
ثمّ إنّه لا إشكال أيضا في أنّ الاستصحاب لا يثبت الواقع الحقيقي؛ إذ كثيرا ما يخالف الواقع، بل إنّما موضوعه الواقع المحتمل، و سنشير إلى ذلك.
إذا عرفت ذلك؛ فنقول: كلّ واحد من هذه العناوين معروض لحكم غير الآخر، فكلّ واحد من الطرفين [...]، أمّا المعلوم بالإجمال- و هو الواحد الغير المعيّن في كلام المستشكل- فهو المحكوم بالطهارة تفصيلا، كما أنّ موضوع النجاسة التفصيليّة إناء زيد، و كلّ واحد من الطرفين المشكوك تفصيلا موضوع الاستصحاب؛ إذ هما اللذان كانا مقطوعي النجاسة سابقا، و مشكوكي الطهارة فعلا.
فحينئذ؛ لو كان الحكم الثابت على كلّ واحد من الموضوعات المتباينة ساريا إلى العنوان الآخر، كما لو كان الحكم الاستصحابي يسري من موضوعه، و هو كلّ واحد من الطرفين المشكوك تفصيلا ارتفاع نجاسته السابقة إلى ذاك العنوان الإجمالي، أي المعلوم الطهارة في البين، أو كان الحكم الثابت لذاك المعلوم و الجامع الإطلاقي من الطهارة متجاوزا عن موضوعه، و يسري إلى الطرفين الموجب ذلك، ارتفاع موضوع الحكم الظاهري و عدم بقاء الرتبة، لكان كلام المستشكل تامّا.