هي متعلّق للعلم تفصيلا، و الترديد إنّما هو في الخصوصيّة و انطباق ذاك المعلوم على أحد الموضوعين، فالمكلّف في المثال المزبور يعلم تفصيلا بتعلّق تكليف على عهدته، و إنّما شكّ في متعلّقه بأنّ إناء زيد الّذي قد علم بنجاسته هل هو الكأس الخضراء أو البيضاء؟
و من المعلوم أنّ هذا الترديد لا يوجب ارتفاع ذاك التكليف المعلوم، و انقلاب منجّزيته؛ ضرورة أنّه كما في صورة العلم التفصيلي بنجاسة أحد الإناءين لو حكم الشارع بعدم وجوب الاجتناب عنه، يرى العقل التناقض بين حكمه الأوّل على وجوب الاجتناب عن النجس، و حكمه هذا في خصوص هذا الموضوع بعدمه، مع أنّه لا تناقض من حيث الموضوع، بل الموضوع كما في الحكم الظاهري و الواقعي مختلف؛ إذ موضوع حكمه الأوّل هو الذات بما هي، و موضوع الثاني الذات بما هي معلوم الحكم، فالذات في الرتبتين موضوع للحكمين.
و لا فرق بين الشكّ و العلم في إيجابهما اختلاف الرتبة، بل التناقض فيه إنّما هو من جهة أنّه بعد حصول العلم بالتكليف و تعلّقه لما يحكم العقل حينئذ بوجوب تحصيل الفراغ عنه الملازم ذلك للاجتناب عن الكأس النجسة مثلا، فلو حكم الشارع بعدم وجوبه ثانيا يصير مناقضا حكمه الأوّل، و ليست هذه المناقضة إلّا من جهة أنّ حكم العقل بوجوب الاجتناب و تحصيل الفراغ تنجيزيّ لا تعليقي، و إلّا فلا تناقض؛ لعدم التناقض بين حكم العقل بوجوب متابعة العلم بالتكليف لو لم يمنع عنه الشارع.
مع أنّ التناقض ارتكازيّ ليس قابلا للشبهة، فهذا دليل على كون حكمه