هذا؛ و لكن ذلك يتمّ بالنسبة إلى التكليف الوجودي، فإنّ صرف الوجود يتحقّق بأوّل وجود، قليلا كان أم كثيرا، و أمّا في طرف العدم، فإن قلنا: إنّ أفراد كلّ طبيعة محقّق لها، و تكون الطبيعة أمرا بسيطا منتزعا عنها، فحينئذ أيضا لمّا لا تتغيّر الطبيعة و لم تختلف قلّة و كثرة فيتمّ ما ذكر.
و أمّا على ما هو التحقيق من أنّ الطبيعة بمعنى وجود أشخاصها، فهي عينها، لا أن يكون الفرد مقدّمة لها، فلا خفاء في أنّ الطبيعة تختلف سعة و ضيقا بحسب مراتب الأفراد و كثرتها.
فعلى هذا؛ لو شكّ في مصداق كونه من تلك الطبيعة، فالشكّ إنّما هو في أنّ الطبيعة هل [هي] بسعة تشتمل هذا المصداق أم لا؟ فيرجع الشكّ إلى باب الأقلّ و الأكثر، و جريان البراءة و عدمه مبنيّ على جريانه فيه.
فانقدح؛ أنّه لا مجال لإطلاق القول بأنّه إذا كان متعلّق النّهي صرف الطبيعة فلا مجرى للبراءة فيها، بل مرجع الشكّ فيها مطلقا و وظيفة الشاكّ الاحتياط.
ثم أنّه قد عرفت في صدر البحث أنّ الكلام كان في الأعمّ من الشبهة التحريميّة، أي يشمل الشبهة الوجوبيّة أيضا، فظهر حكمها من مطاوي كلماتنا، و أنّ المرجع فيها البراءة، بلا خلاف بين المجتهدين و الأخباريّين على قول [1]، و إن يظهر من كلمات بعضهم على ما نقل الشيخ عباراتهم الالتزام بالاحتياط في الشبهة الوجوبيّة أيضا [2] فتدبّر!