البراءة مرجعا، لا فيما لو كان هناك دليل اجتهاديّ فصار الأصل مرجّحا له على الدليل الآخر المعارض معه، فعلى هذا، يتمّ هذا الكلام في الأدلّة الّتي لا يعمل فيها بالمرجّحات المنصوصة، و لا ينتهي الأمر فيها إلى التخيير بل يتساقطان، و يصير الأصل مرجعا.
[الشبهة الوجوبيّة]
و أما الكلام في القسم الرابع، و هو الشكّ في الحرمة و غير الوجوب من جهة الشبهة المصداقيّة و الموضوعيّة، فتجري فيه البراءة أيضا، بلا خلاف بين المجتهدين و الأخباريّين.
و سرّه ما أفاده شيخنا (قدّس سرّه) من أنّ النواهي الشرعيّة لمّا تنحلّ بحسب مصاديقها إلى تكاليف متعدّدة بحيث يتعلّق بكلّ موضوع تكليف مستقل غير مربوط بالموضوعات الأخر، فحينئذ؛ فكلّ موضوع شكّ في كونه متعلّقا للتكليف فالأصل البراءة [1].
و فصّل صاحب «الكفاية» بين ما كان متعلّق التكليف الطبيعة السارية، فقال: يتمّ ما ذكر، و أمّا لو كان صرف الوجود، فلمّا لا ينحلّ التكليف فيه إلى التكاليف المتعدّدة، بل ليس التكليف فيه إلّا واحدا فكلّما شكّ في كونه مصداقا للطّبيعة فيلزم الشكّ في الامتثال فيجب الاجتناب عنه حتّى يحصل القطع بالفراغ [2].