و تنقيح هذا البحث موقوف على بيان محتملات حكم العقل و الشرع في المقام، فنقول: إنّ المحتملات في ذلك أربعة:
الأوّل: أن يكون المراد بحكم العقل و الشرع برجحان الاحتياط هو الإرشاد إلى أنّه لمّا كان بترك الاحتياط يحتمل الوقوع في المفسدة الموجب للّوم و حزازة النفس، فلذلك لا بدّ من رعاية الاحتياط حذرا من الابتلاء بالآثار و الوقوع في المفاسد المترتّبة على ترك الواقع، بلا أن يترتّب على الالتزام به شيء أزيد ممّا هو من لوازم الواقع، بحيث لو طابق الاحتياط الواقع، بمعنى أنّه ترك شيئا كان في الواقع حراما، أو فعل شيئا كان في الواقع واجبا، فيترتّب على هذا الاحتياط ما هو من لوازم ترك الحرام و فعل الواجب غير عدم العقاب، فإنّه مرفوع رأسا بقاعدة قبح العقاب بلا بيان، لا أن يكون موجبه الإطاعة الاحتماليّة، فيختصّ الآثار المترتّبة بغير العقاب، و أمّا لو خالف الواقع، فلا يترتّب على هذا العمل المسمّى بالاحتياط شيء لكونه انقيادا، فيستحقّ الثواب.
الثاني؛ أن يكون إرشادا إلى رعاية جانب الاحتياط للتخلّص من محذورات الواقع لو طابق الاحتياط الواقع، و لاستحقاقه الثواب لو خالف؛ لكون عمله ذلك انقيادا المسمّى بالإطاعة الحكميّة، فكما أنّه يترتّب الثواب على الإطاعة الحقيقيّة، فكذلك يترتّب على الحكميّة، فهذان المعنيان كلاهما مشتركان في كون الأمر بهما إرشادا، إلّا أنّ في الأوّل استحقاق العقوبة- بمعنى اللوم و المثوبة- تابع للواقع، بخلاف الثاني، فإنّه يوجب الثواب حتّى في صورة المخالفة للانقياد.
الثالث؛ أن يكون الأمر به طريقيّا مولويّا من طرف العقل، بمعنى أنّ