فلذلك يوجب انحلال العلم الإجمالي بالأحكام [1]، و لكن قد ظهر لك أنّ تمام المناط للانحلال هو العلم الفعلي مقارنا لحدوث العلم الإجمالي بالمنجّز الآخر و أنّ العثور بالمنجّز متأخّرا عنه لا يثمر شيئا، و لو كان ذلك كاشفا عن وجوده سابقا مقارنا للعلم الإجمالي.
ضرورة أنّ المنجّز ما لم يعلم به لا أثر له، فالعلم له يزاحم العلم الإجمالي، كما لا يخفى.
فالتحقيق في الجواب؛ هو أنّه لمّا يجب على المكلّف عند الجهل بالأحكام التفصيليّة الفحص عنها، و لا يجوز له إجراء البراءة من أوّل الأمر، و لا شبهة في أنّ تلك الأحكام كانت مردّدا وجودها في دائرة الأمارات و غيرها، فإذا تفحّص و عثر بين الأطراف على الأمارات الّتي هي إمّا أحكام واقعيّة أو قائمة مقامها.
فكيف كان هي منجّزات اليد نالتها بعد الفحص، و المفروض أنّه لا يوجب العقل الفحص بعد ذلك للعثور على المنجّز بمقدار ما يحتمل من التكليف الواقع، فلا مانع حينئذ من الرجوع إلى البراءة في غير دائرة المنجّزات و الأمارات، فالعلم بالمنجّز إنّما يحصل من أوّل الأمر، سواء علم إجمالا بالأحكام أو لم يعلم، بل من جهة الشبهة قبل الفحص لا يكون (يجوز) له الرجوع إلى البراءة، فعلى كلّ حال الأمارات هي من الأطراف من الأزل، كما لا يخفى.
[القول بأنّ الاحتياط راجح عقلا و شرعا]
قد اشتهر بينهم القول بأنّه لا إشكال في رجحان الاحتياط عقلا و شرعا،