و محبوبا، إلّا أنّه إذا انضمّ إليه ذاك الاعتقاد، و أتى بهذا الفعل الكذائي و لكن بعنوان كون ذلك فعلا قبيحا عند المولى و منهيّا عنه، يصير هذا الفعل قبيحا و مذموما؛ لصيرورته مشتملا على هتك حجاب المولى و الجرأة عليه.
و لكن يتوجّه عند ذلك إشكال، و هو أنّه مع فرض كون هذا الفعل واجبا و محبوبا في نفسه فعلا، فكيف يمكن أن يصير منهيّا عنه و مبغوضا فعلا أيضا؟
و ليس ذلك إلّا اجتماع الضدّين.
فإن رفعنا هذا الإشكال فلا بأس بالالتزام بقبح التجرّي من حيث الفعل، مضافا إلى القبح الفاعلي و استحقاقه العقوبة بسبب العزم على المعصية، لما عرفت من انطباق عنوان المخالفة و الطغيان عليهما [1]، اللذان هما يكونان ملاك العقوبة.
فلنقدّم أوّلا ذكر بعض الموارد الّتي قد اجتمع فيها الحكمان و تسالموا عليه، مع أنّه قد يتوهّم أنّها تكون من اجتماع المثلين أو الضدّين في محلّ واحد.
منها؛ اجتماع الحكمين للعقل و الشرع في التكاليف الواجبة و المحرّمة الشرعيّة، أحدهما أصل حكم الشرع بوجوب الشيء الفلاني الّذي يستكشف منه حكم العقل به أيضا؛ لأنّ الواجبات الشرعيّة ألطاف في واجبات عقليّة، و الّذي يكون مركز قاعدة الملازمة بين حكم العقل و حكم الشرع إنّما يكون في هذا المقام، أي في رتبة الوجود الواقعي المأمور به مع قطع النظر عن تعلّق الأمر به، ثمّ يحكم العقل ثانيا حكما آخر بوجوب إطاعة المولى و أوامر الشارع.
و لا ريب أنّ ذلك لا ربط له بحكمه الأوّلي، فإنّه كان موضوعه أصل المصلحة النفس الأمريّة و ملاك التكليف بخلاف هذا الحكم، فإنّ موضوعه نفس