هذا بالنسبة إلى أوّل الحديث؛ و أيضا ما له مدخل للاستدلال هو لفظ «الحرام» الواقع في ذيل الحديث فهل لامه لام العهد أو لام الجنس؟ فعلى الأوّل و لو جعلنا المقسم و القيد أعمّ و قوّينا الاحتمال الثاني.
فأيضا الحديث لا يفيد بالنسبة إلى الشبهات الحكميّة؛ إذ عليه يكون محصّل معنى الحديث: أنّ كلّ ما أوجب وجود النوعين من الحكم: الشكّ و التنبيه إلى نوع آخر منه في كونه من الحرام أو الحلال، فالمشكوك فيه حلال حتّى تعرف أنّه من ذاك الحرام الموجود؛ إذ في الشبهة الحكميّة و لو تعرف الحرام الموجود أيضا لا يوجب إلحاق المشكوك به، بخلاف الشبهة الموضوعيّة، ففيها إذا عرفت الحرام فيها يرتفع الشكّ عن المشكوك فيه.
و من الأخبار قوله (عليه السّلام): «كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف أنّه حرام» [1] فإن كانت هذه الرواية رواية مستقلّة، غير ما في رواية مسعدة بن صدقة، فتكون دلالتها على المدّعى و البراءة في الشبهات التحريميّة تامّة، فتعارض أخبار الاحتياط، إذ لمّا كان ظاهرها أنّ الشيء بعنوانه الأوّلي، لا بعنوان أنّه مجهول الحكم، فهو حلال حتّى تعرف حرمته، و أخبار الاحتياط تدلّ على أنّ مجهول الحكم و كلّ ما ليس حكمه الأوّلي معلوما فحرام، فلذلك يتعارضان، و لا مجال للورود و الحكومة، بل يصير الحديث دليلا للبراءة في الشبهات الموضوعيّة و الحكميّة كليهما، فما لم يثبت ترجيح لأخبار الاحتياط لا سبيل إلى تقديمها، كما لا يخفى.
و إن كانت هذه القضيّة جزءا لتلك الرواية، فيشكل الاستدلال بها لغير
[1] وسائل الشيعة: 17/ 89 الحديث 22053، مع اختلاف يسير.