أمرا قبيحا و فعلا محرّما حتّى يستحقّ العقوبة، و أنّ ما يرى من ذمّ العقلاء إيّاه ليس إلّا من جهة كشفه عن كون المرتكب بصدد العصيان و جريئا على المولى، و من المعلوم، أنّ ذلك ليس أمرا اختياريّا و فعلا محرّما حتّى يوجب العقوبة، و العقاب ليس إلّا على العصيان الحاصل بسبب ارتكاب العمل المحرّم، و المفروض أنّ العمل في نفس الأمر حسن و القطع ليس إلّا طريقا محضا، و الطريق لا يغيّر ذا الطريق عمّا هو عليه، كما نوضح ذلك عند ردّ كلام صاحب «الفصول» (قدّس سرّه) [1].
ثمّ لا كلام في أنّه إذا انتهى الأمر إلى أنّ التجرّي لا يوجب قبح الفعل، و الذمّ الّذي يتعلّق به لبناء العقلاء عليه إنّما هو تعلّق بالفاعل، و لا يسري إلى الفعل و العمل أصلا، فليس موجب استحقاق العقوبة في البين؛ لأنّ تقبيح العقلاء إن تعلّق بالفعل الملازم للقبح الشرعي المستلزم للعقوبة، فيتمّ الأمر، و إن لم يتعلّق إلّا بالفاعل- كما عرفت- فلا يبقى مجال لتوهّم استحقاقها.
إنّما الكلام [2] في أنّه هل يكون غير جهة قبح الفعل أو الفاعل أمر متوسّط يوجب العقوبة و هو المسمّى بالعزم أو غيره، أم لا؟ الّذي بنى عليه (قدّس سرّه) في «الكفاية» و «الحاشية» الالتزام بذلك [3].
محصّل ما قاله (قدّس سرّه): أنّ ما هو مناط لقبح العصيان و صيرورته موجبا للعقوبة جار في التجرّي، و هو ليس إلّا هتك حجاب المولى و مخالفته، و كونه طاغيا عليه، كما أنّ المتجرّي إذا عزم على المعصية، بمعنى أنّه تحقّق سائر المقدّمات للعمل