و لمّا كان انعزال الجهة من زمان ورود الخاصّ بالنسبة إلى المخرج مسلّما فلا يدور الأمر كما في سائر الأقسام، فتبقى الدلالة و أصالة الظهور في العامّ سليمة عن المعارض، فيعمل بمقتضاه.
و أمّا عدم التزامنا بتسميته نسخا لإنكارنا المبنى كما عرفت، فانقدح بذلك أنّا موافقون في جميع الصور مع المشهور عملا بما تقتضيه الصناعة.
هذا كلّه إن قلنا بأنّ الحكم الخاصّ يكون متكفّلا لبيان الحكم أبدا لا أزلا، كما قالوا به في مطلق الأحكام بخلاف العقود، و أمّا إن قلنا بذلك من جهة أنّ أدلّة الأحكام إنّما هي وسائط في الإثبات [1]، و الثبوت النفس الأمري تابع للمصلحة الأزليّة، و أمّا في العقود فهي وسائط للثبوت و حصول التمليك و التملّك من حين الإنشاء، فيظهر الفرق بيننا و بين المشهور عملا أيضا فإنّا نلتزم في الأخير أيضا بالتخصيص، فلا بدّ من التصرّف في الدلالة.
و بالتأمّل فيما ذكرنا نستخرج حكم باقي المحتملات ممّا كانا مجهولي التأريخ، فإنّه لمّا كان الأمر فيه مردّدا بين القسم الأخير و الأقسام الباقية فلا يحكم فيه بشيء، بل يرجع إلى الاصول العمليّة.
[1] فهي كواشف عمّا هو ثابت واقعا، «منه (رحمه اللّه)».