تضييق دائرة العموم بلا لزوم مجازيّة أصلا، بخلاف مثل هؤلاء و نحوه، فإنّه لا خفاء في أنّه مستعمل في غير ما وضع له إذا اريد منه البعض فيكون مجازا.
و بما ذكرنا ظهر أيضا بأنّه يمكن توجيه كلام [1] شيخنا استاد الأساطين (قدّس سرّه) في وجه حجيّة العامّ في الباقي على نحو يرجع إلى ما ذكرنا بأن يقال: إنّ مراده من قوله: إنّ دلالة العموم على كلّ فرد من أفراده غير منوطة بدلالته على فرد آخر من أفراده، فالمقتضي للحمل على الباقي موجود و المانع مفقود، إنّما هو ما بيّنا من أنّ شمول العموم لكلّ فرد من أفراده إنّما هو بتماميّة إطلاق مدخوله بمقدّمات الحكمة، و تماميّة عدم البيان للحكم بالإطلاق من جهة لا تنوط بتماميّة الإطلاق بالنسبة إلى جميع الأفراد.
و لكن هذا التوجيه إنّما يتمّ لو لا تصريحه (قدّس سرّه) بالمجازيّة و تسليمه كون العامّ المخصّص مجازا، و مع تسليمه ذلك فلا مجال له، إلّا أن يقال: إنّ مراده لزوم المجازيّة من حيث الوضع التركيبي، بدعوى أنّ أداة العموم مع مدخولها لمّا كانت موضوعة بالوضع التركيبي لنفس العموم و الشمول بالنسبة إلى كلّ فرد كالعشرة الموضوعة لمرتبة خاصّة من العدد، فإذا خرج من تحته بعض الأفراد يوجب ذلك صيرورة اللفظ مجازا بالنسبة إلى الباقي [2].
و لكنّك قد عرفت بطلان هذا المبنى رأسا و أنّه على ما هو التحقيق من عدم
[1] على ما قرّر في «التقرير» «منه (رحمه اللّه)» (مطارح الانظار: 192).
[2] مضافا إلى أنّه يرد عليه حينئذ إشكال «الكفاية» (كفاية الاصول: 222) لوضوح أن دلالة لفظة العشرة على كلّ فرد منها إنّما هي من جهة دلالتها على المجموع المرتبة الخاصّة و ليست مستقلّة، فإذا استعملت في غيرها، فدلالتها على ما بقي تحتاج إلى المعيّن لتعدّد المراتب، و لمّا لا معيّن فيسقط عن الحجيّة رأسا، «منه (رحمه اللّه)».