الثانية: أنّ ملكات أبواب الفقه لا ارتباط بينها، حتّى يتوقّف اجتهاد كلّ باب إلى التتبّع في كلّ أبواب الفقه و الممارسة التامّة في كلّها، و ذلك بيّن، فإنّ مسألة منزوحات البئر لا رابط لها مع مسألة أجداد الثمانية، و هكذا؛ بل مسائل كلّ باب مقرّرة عن مسائل الأبواب الآخر، و مداركها مبوّب بابا بابا.
و بعد تمهيد المقدّمتين نقول: إنّ تحصيل ملكة الأبواب- لكونها متعدّدة غير مرتبطة بعضها مع البعض الآخر- تدريجي، كأن تتبّع أوّلا في الآيات و الأخبار المتعلّقة بكتاب الصلاة، و يطّلع على موارد الإجماع فيه، و على سائر ما يجب الاطّلاع عليه في هذا الكتاب، حتّى يحصل له ملكة الاقتدار على استنباط مسائل الصلاة من المظانّ، و تحصيل هذه الملكة له لا يتوقّف على التتبّع في سائر الأبواب، لعدم الارتباط بينهما.
و من البيّن، أنّ لهذا الشخص في هذه الحالة ليس قوّة استنباط مسائل الحدود، لعدم تتبّعه بعد في مداركها و مكانها.
و المراد بالقوّة هو القوّة القريبة بالفعل، و إلّا فللعامي أيضا القوّة البعيدة على الاستنباط، فهذا الشخص حينئذ فيما لم يتتبّعه كالعامي؛ و بعد تحصيل الملكة في كتاب الصلاة يدخل مثلا في كتاب الصوم، و هكذا، إلى أن يحصل له ملكة في الكلّ، فتبيّن أنّ صيرورته مجتهدا مطلقا يتوقّف على صيرورته متجزّيا أوّلا؛ و أمّا بطلان التالي، فالخصم نفسه معترف به.
و الثاني: سلّمنا عدم العلم بإمكان التجزّي، و لكن لا أقلّ من الشكّ، فالأصل إمكانه، لأنّ الغالب فيما شكّ في إمكانه و امتناعه الإمكان.
و فيه: أنّ الاستقراء دليل ظنّي لا يثبت به المسألة العقليّة، و القول بأنّ بناء العقلاء على ذلك غير كاف؛ لأنّ الخصم لو قال البناء القطعي على ذلك فممنوع، و لو قال البناء الظنّي عليه، بمعنى أنّهم يظنّون أنّ مشكوك الإمكان ممكن، فذلك لا يغني و