الفقه ثمّ المتجر؛ و أمّا الإجماع فهو أيضا موجود في المقام، لإجماعهم على وجوب التعلّم و أنّ تاركه آثم، و أمّا العقل فلحكمه على وجوب المقدّمة.
و ليعلم أوّلا أنّ المقدّمة إمّا مقدّمة وجوديّة كالوضوء بالنسبة إلى الصلاة، و إمّا وجوبيّة كالاستطاعة الشرعيّة بالنسبة إلى الحجّ، و إمّا وجوديّة و وجوبيّة كلاهما كالقدرة بالنسبة إلى المكلّف به، و إمّا مقدّمة فعليّة و هي ما يتوقّف فعل ذي المقدّمة عليه، و إمّا تركيّة و هي ما يتوقّف تركه عليه كما إذا كان ذي المقدّمة من المحرّمات، و إمّا مقدّمة علميّة و هي ما يتوقّف العلم بذي المقدمة عليه كما في الصلاة إلى الجهات الأربع عند اشتباه القبلة مثلا، فإنّه مقدّمة علميّة فعليّة، و كالاجتناب في الشبهة المحصورة فإنّه مقدّمة علميّة تركيّة.
و التعلّم مقدّمة علميّة لما أمر اللّه به أو نهى عنه، فإنّ العلم بأنّ الشيء الفلاني واجب أو حرام و هكذا، يتوقّف على تعلّم المسائل، و بعد ما كان ذو المقدّمة واجبا فالعقل حاكم بوجوب مقدّمته، و لا يخفى أنّ هذا الكلام إنّما هو بالنسبة إلى المقصّر و أمّا بالنسبة إلى القاصر فلا يجري هذا الكلام فيه.
و أمّا في القسم الثاني: فالدليل إطلاق الكتاب و السنّة إن قلنا لشموله له بواسطة كونه عام البلوى، و كذا العقل من باب المقدّميّة، و أمّا الإجماع فغير موجود في هذا القسم، فإنّ بعضهم حاكمون بعدم وجوب تعلّم مسائل الشكّ و السهو قبل حصولهما.
و أمّا في القسم الثالث: فقاعدة المقدّميّة و إن كانت حاكمة بلزوم التعلّم فيه أيضا، لكن لزوم العسر و الحرج و اختلال النظم إن قلنا بوجوب التعلّم فيه أيضا على كلّ أحد، بل التكليف بما لا يطاق، فإنّ المسائل ممّا لا يعدّ و لا يحصى و احاطة الانسان عليها متعذّر، ممّا ينفي لزوم التعلّم على كلّ أحد عينا.
نعم، معرفة كلّ الأحكام لازمة على وجه الكفاية، لكن لا فعلا بل قوّة قرينة منه، و يظهر ثمرة وجوب التعلّم و عدمه في ترتّب الإثم و عدمه.