responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاجتهاد و التقليد (التعليقة على معالم الأصول) المؤلف : الموسوي القزويني، السيد علي    الجزء : 1  صفحة : 357

..........


و ما في حديث الخلافة: «فقلّدها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) عليّا (عليه السلام)» أي جعلها في رقبته، و كأنّه بحسب الاستعمال استعارة فيه باعتبار المادّة، لكون ما يجعل في العنق و الرقبة لازما له، كلزوم القلادة له، كما ربّما يومئ إليه كلام الفيّومي في المصباح المنير قال: «و تقليد العامل توليته كأنّه جعل قلادة في عنقه» و لعلّه إنّما يسمّى المعنى العرفي الّذي ستعرفه تقليدا لأنّ المقلّد بالتزامه لفتوى المجتهد في كلّ مسألة يجعلها كالقلادة في عنقه، أو لأنّه لتعويله في امتثال أحكام اللّه تعالى على قول المجتهد بجعلها كالقلادة في عنق ذلك المجتهد، فلو قلت: قلّدت المجتهد مريدا به المعنى اللغوي أمكن كون تقديره: جعلت فتاويه قلادة على عنقي، أو جعلت أحكامي قلادة على عنقه.

ثمّ الظاهر أنّ تعديته إلى مفعولين- كما ظهر في الأمثلة المذكورة- ليست لمجرّد التضعيف و نقل مجرّده إلى باب التفعيل كما قد يتوهّم، لعدم كون مجرّده من المعاني الحدثيّة فضلا عن تعدّيه بنفسه إلى مفعول واحد، بل لضرب من التضمين على حدّ الأفعال الغير المتعدّية بأنفسها إلى مفعولين الّتي يضمّن في مفاهيمها معنى ما يتعدّى من الأفعال إليهما كالجعل و الإعطاء و ما يقرب منهما، و قد يجعل من هذا الباب البيع و الإجارة و الهبة و الرهن و غيره حيث تقع متعدّية إلى مفعولين مع عدم اقتضاء شيء منها بحسب وضعه و مفهومه اللغوي التعدّي إليهما، و ليس هذا إلّا من جهة تضمين معنى الإعطاء في مفاهيمها.

فحاصل معنى «بعتك داري أو آجرتك إيّاها أو وهبتها أو رهنتك إيّاها»: أعطيتك داري على وجه البيعيّة أو الإجارة أو على جهة الهبة أو الرهن، فمفاهيم هذه الأفعال بأنفسها وجوه و جهات للإعطاء، فإنّ إعطاء شيء شيئا له وجوه و جهات فقد يتحقّق على وجه البيعيّة، و قد يحصل على جهة الإجارة، و قد يتأتّى بعنوان الهبة و هكذا.

و لو قلت: «أعطيته جبّة» كان مدلوله الإعطاء المطلق من دون تنبيه على وجهه و عنوانه.

و لعلّ من جملة وجوهه كون المعطى الّذي هو المفعول الثاني قلادة على عنق المعطى له الّذي هو المفعول الأوّل، و يعبّر عنه بهذا الوجه و العنوان بالتقليد. فمعنى «قلّده القضاء» أعطاه القضاء على وجه يكون قلادة في عنقه لازما على رقبته، و كذا معنى قوله (عليه السلام): «قلّد الخلافة عليّا»، و حيث إنّ الإعطاء يرد في الاستعمالات تارة بحذف مفعوله الأوّل و اخرى بحذف مفعوله الثاني و ثالثة بذكر مفعوليه فكذا ما تضمّنه، «فقلّده القضاء» من باب ذكر المفعولين «و قلّدت البعير» من باب حذف المفعول الثاني، و «قلّدت السيف» من باب حذف

اسم الکتاب : الاجتهاد و التقليد (التعليقة على معالم الأصول) المؤلف : الموسوي القزويني، السيد علي    الجزء : 1  صفحة : 357
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست