responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاجتهاد و التقليد (التعليقة على معالم الأصول) المؤلف : الموسوي القزويني، السيد علي    الجزء : 1  صفحة : 266

..........


و لا ريب أنّ عدم التمكّن منه عذر قاطع و برهان ساطع في التقليد، و ليس للملك أن يحكم على ناحية إلّا من يعلم من حاله أنّه يعرف معنى الأمر و النهي باعتبار المادّة، و أنّ ما يبلّغه إليه الثقة بصيغة «افعل» أو «لا تفعل» هل يصدق عليهما الأمر و النهي أم لا؟ و على تقدير عدم الصدق فمفادهما أيّ شيء؟ و أن يعرف «الثقة» مفهوما و مصداقا، و أن يعرف سائر الجهات المتعلّقة بالخطاب الّتي لها دخل في فهمه، فلو حكّم من ليس له هذه المرتبة من المعرفة و لا أنّه متمكّن من تحصيلها و أوجب عليه مع ذلك أن يعمل بأمره و نهيه و مقتضى خطابه الواصل إليه من الثقة فلا ريب أنّه ارتكب فعلا قبيحا، و كان ممّن يرميه العقلاء بسخافة الرأي و دناءة الطبع، ثمّ إذا ترك هذا الرجل القيام بمقاصد الأوامر و النواهي الواصلة إليه معتذرا بعدم تمكّنه عن فهم تلك المقاصد كان معذورا و خارجا عن حدّ التقصير في نظر العقلاء، فلو عاتبه الملك حينئذ أو عاقبه لأطبقوا على تقبيحه و رميه بالسفه.

و القوم الّذين لا يعملون بهذه الاصول لا علم لهم بالأحكام الشرعيّة الفعليّة الّتي يترتّب عليها آثار الإطاعة و الانقياد، و ما يزعمونه علما بمعتقدهم الفاسد ليس في نظر الشرع إلّا جهلا مستقرّا نشأ عن التقصير، فعدم كونهم متحيّرين حقّ غير أنّ عدم التحيّر قد يكون لأجل العلم بالمسألة و لو شرعيّا، و قد يكون لأجل الجهل بها و لو مركّبا، و مجرّد عدم المعرفة بتغيّر العرفين لا يوجب استفادة المطلب من الخطاب ما لم يتصدّ لإعمال الاصول المقرّرة لإحراز المراد الّتي لا تعرف إلّا بمراعاة علم اصول الفقه، و الأحاديث إنّما يكون حجّة لمن يقوم بشرائط الحجّية المحرزة للسند و الدلالة و غيرها ممّا له تعلّق بمقام استفادة الحكم و استنباطه لا مطلقا، و عدم التكليف بأزيد ممّا يفهم إنّما يسلّم لمن نشأ فهمه عن القواعد المقرّرة و الضوابط المحرّرة الباعث مراعاتها على إدراج هذا الفهم في عداد العلوم الشرعيّة و إخراجه عن الجهل و الضلالة.

و ما علم فيه بتغيّر العرف يعلم حاله بسائر الطرق الاجتهاديّة و الاصول القويّة المحكمة الّتي رضي بها اللّه و رسوله (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) و اكتفيا بها عن الواقع حيثما اجريت مجاريها، و الحكم عليها بالضعف إنّما ينشأ عن ضعف العقيدة و قصور الهمّة، و لا مجال للكتاب و السنّة و الإجماع الكاشف عن قول أهل العصمة في العرف و ما يتعلّق به، مع أنّ ما علم فيه بتغيّر العرف إن أوجب إشكالا فهو مشترك الورود.

و لا ريب أنّه يهون في نظر من يعتمد على تلك الاصول الضعيفة و يرتفع بطريقته أخذا

اسم الکتاب : الاجتهاد و التقليد (التعليقة على معالم الأصول) المؤلف : الموسوي القزويني، السيد علي    الجزء : 1  صفحة : 266
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست