للمسلمين على تقدير الحرب ، وجمعنا إلى ذلك : أنّ الأرض المفتوحة عَنوة لا يباح للمسلمين تملّك رقبتها إذا كان عمرانها بعد تشريع ملكيّة الإمام ، وإنّما يباح لهم نفس الحقّ الذي كان الكافر قد اكتسبه بسبب الإحياء ، فنخرج من ذلك بالتفصيل المدَّعى في المقام ، وهو : أنّ من يسلم على أرضه التي عمرت بعد تشريع ملكيّة الإمام للمَوات ، يحقن بإسلامه حقّه الذي كان المفروض أن ينتقل إلى المسلمين لو حارب ، ولا يتملّك الأرض ، وإنّما يتملّكها إذا كان عمرانها قبل عصر التشريع .
وبكلمة أخرى : أنّ مبدأ حقن الإسلام للمال لا يزيد من حقّ الشخص ، ولا يمنحه ملكيّة جديدة لم تكن له ، وإنّما يحفظ له ما كان يتمتّع به من حقوق أو ملكيّات . وحيث إنّ الأرض التي يعمرها الكافر بعد تشريع ملكية الإمام للمَوات لا يملكها الكافر ، وإنّما يكتسب حقّاً فيها مع كونها مِلكاً للإمام ، فبإسلامه طوعاً يحفظ حقّه ، ويبقى كما كان .
ج ـ وقد يستدلّ بالسيرة النبوية ؛ لأنّ سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) جرت على : ترك الأرض بيد أهلها إذا أسلموا عليها طوعاً ، وعدم مطالبتهم بالطَّسق ، دون تدقيق في تأريخ عمارة الأرض [1] . الأمر الذي يدلّ على أنّ الإسلام يمنح ـ دائماً ـ ملكية الأرض لمن أسلم عليها طوعاً .
والجواب : أنّ هذه السيرة الشريفة ثابتة بلا شك ، ولكنّها لا تبرهن على أنّ رقبة الأرض ملك لمن أسلم عليها طوعاً ، وخارجة عن نطاق ملكيّة الإمام ؛ لأنّ الفارق العملي بين ملكية الأرض لمن أسلم عليها طوعاً ، وبين كونها مِلكاً للإمام ، مع وجود حقّ خاص لمن أسلم عليها ، إنّما يظهر في فرض الخراج ، لأنّ الأرض إذا