و هو أقرب المعاني التي ذكرها ابن منظور إلى معنى الحس العلمي الذي نريد أن نتحدث عنه هنا.
و لعل أول ما أشير إليه عربيا هو فيما جاء في مثل الحديث الذي ذكره ابن الأثير في (النهاية) [1] ، و ما قام به من تعريف للإحساس، قال: « (إنه قال لرجل: متى أحسست أمّ ملدم) أي متى وجدت مس الحمى.
و الإحساس: العلم بالحواس.
و هي (يعني الحواس) : مشاعر الإنسان كالعين و الأذن و الأنف و اللسان و اليد» .
و لأن المعنى دخل المعجم العربي في العصر العباسي، كما رأينا الإلماح إليه من قبل ابن الأثير المتوفى سنة (606 هـ) عده (المعجم الوسيط) من المولد، قال: «الحس: الإدراك بإحدى الحواس الخمس (مو) أي مولد» .
و قد ركز الفلاسفة على الحواس الخمس كمصدر للمعرفة، و توسع علماء وظائف الأعضاء (الفسيولوجيون) باستقصاء جميع أعضاء الحس و بيان دورها في تحصيل المعرفة، فقسموا «الحواس الخمس إلى مجموعتين:
أ-المجموعة الأولى: و تتألف من حاستي اللمس و الذوق، و تقوم بدور نقل الإنطباعات البيئية أو الإحساسات المختلفة عن طريق الإحتكاك المباشر بالأشياء المادية المحيطة بالإنسان.
ب-المجموعة الثانية: و تتألف من حاسة البصر و حاسة السمع و حاسة الشم، و تقوم بدور نقل انطباعات الأشياء المادية دون أن تحتك احتكاكا مباشرا بتلك الأشياء المادية، بل عن طريق الأشعة الضوئية الصادرة عن الأشياء المرئية بالنسبة لحاسة البصر، و عن طريق الأمواج الصوتية المنبعثة من الأشياء المسموعة الصوت بالنسبة لحاسة السمع، و عن طريق الروائح المنبعثة