و أمره اللّه جل و عز باشهار سيفه و اظهار الدعوة و الجهاد لأعداء اللّه و أعداء دينه، فكتب الى ملوك الطوائف و جميع النواحي يدعوهم الى توحيد اللّه عز و جل جلاله و الى نبوّته.
ثم عبأ جيشه لغزاة بدر- و كان عدد المسلمين ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا- فغزاهم فأظهره اللّه على المشركين، فقتل منهم و سبى و أسر.
ثم لم يزل يفتح البلدان عنوة و صلحا، و كان عدد الغزوات تسعا و عشرين غزوة و عدد سراياه نحو ثمانين سرية الى أن فتح مكّة، و كان من حديثه ما رواه الناس.
حجة الوداع
ثم حجّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) في سنة عشر من الهجرة فاذن في الناس بالحجّ و كان خروجه لخمس ليال بقين من ذي القعدة. و أحرم (من ذي الحليفة). و قضى مناسكه (صلّى اللّه عليه و آله) في ذي الحجة و انصرف ..
فلما صار بوادي خم نزل عليه الوحي في أمير المؤمنين (عليه السّلام) آية العصمة من الناس و قد كان الأمر قبل ذلك يأتيه فيتوقف انتظارا لقول اللّه عز و جل «وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ» فلما نزلت قام خطيبا فحمد اللّه و أثنى عليه كثيرا ثم نصب أمير المؤمنين (عليه السّلام) علما و قيّما مقامه بعده. و كان من حديث غدير خم ما رواه الناس ثم انصرف في آخر ذي الحجة.
و روي ان اللّه عز و جل علم نبيّه كل ما كان و ما هو كائن الى يوم القيامة ثم فوّض إليه أمر الدين و الشرائع فقال: «وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا» و قال: «وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى» و قال: «مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ».
ثم وصفه اللّه عز ذكره بما لم يصف به أحدا من أنبيائه و جميع خلقه فقال: «وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ».