responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 187


وَالْقَوْلُ الثَّانِي : يُقَرُّ الْإِحْيَاءُ وَيَكُونُ حُكْمُهُ أَثْبَتَ مِنْ الْحِمَى لِتَصْرِيحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ : * ( مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا فَهِيَ لَهُ ) * .
وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْ الْوُلَاةِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَرْبَابِ الْمَوَاشِي عِوَضًا عَنْ مَرَاعِي مَوَاتٍ أَوْ حِمًى لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : * ( الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ : فِي الْمَاءِ وَالنَّارِ وَالْكَلَأِ ) * .
( فَصْلٌ ) وَأَمَّا الْأَرْفَاقُ فَهُوَ أَرْفَاقُ النَّاسِ بِمَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ وَأَفْنِيَةِ الشَّوَارِعِ وَحَرِيمِ الْأَمْصَارِ وَمَنَازِلِ الْأَسْفَارِ فَيُقْسَمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ : قِسْمٌ يَخْتَصُّ الِارْتِفَاقُ فِيهِ بِالصَّحَارَى وَالْفَلَوَاتِ ، وَقِسْمٌ يَخْتَصُّ الِارْتِفَاقُ فِيهِ بِأَفْنِيَةِ الْأَمْلَاكِ .
وَقِسْمٌ يَخْتَصُّ بِالشَّوَارِعِ وَالطُّرُقِ .
فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَهُوَ مَا اخْتَصَّ بِالصَّحَارَى وَالْفَلَوَاتِ فَكَمَنَازِلِ الْأَسْفَارِ وَحُلُولِ الْمِيَاهِ ، وَذَلِكَ ضَرْبَانِ : أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونُ لِاجْتِيَازِ السَّابِلَةِ وَاسْتِرَاحَةِ الْمُسَافِرِينَ فِيهِ فَلَا نَظَرَ لِلسُّلْطَانِ فِيهِ لِبُعْدِهِ عِنْدَهُ ، وَضَرُورَةِ السَّابِلَةِ إلَيْهِ ، وَاَلَّذِي يَخْتَصُّ السُّلْطَانُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ إصْلَاحُ عَوْرَتِهِ وَحِفْظُ مِيَاهِهِ ، وَالتَّخْلِيَةُ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَ نُزُولِهِ وَيَكُونُ السَّابِقُ إلَى الْمَنْزِلِ أَحَقَّ بِحُلُولِهِ فِيهِ مِنْ الْمَسْبُوقِ حَتَّى يَرْتَحِلَ عَنْهُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : * ( مِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ إلَيْهَا ) * .
فَإِنْ وَرَدُوهُ عَلَى سَوَاءٍ وَتَنَازَعُوا فِيهِ نُظِرَ فِي التَّعْدِيلِ بَيْنَهُمْ مِمَّا يُزِيلُ تَنَازُعَهُمْ وَكَذَلِكَ الْبَادِيَةُ إذَا انْتَجَعُوا أَرْضًا طَلَبًا لِلْكَلَأِ وَارْتِفَاقًا بِالْمَرْعَى وَانْتِقَالًا مِنْ أَرْضٍ إلَى أُخْرَى كَانُوا فِيمَا نَزَلُوهُ وَارْتَحَلُوا عَنْهُ كَالسَّابِلَةِ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِمْ فِي تَنَقُّلِهِمْ وَرَعْيِهِمْ .
وَالضَّرْبُ الثَّانِي : أَنْ يَقْصِدُوا بِنُزُولِ الْأَرْضِ الْإِقَامَةَ فِيهَا وَالِاسْتِيطَانَ لَهَا ، فَلِلسُّلْطَانِ فِي نُزُولِهَا بِهَا نَظَرٌ يُرَاعَى فِيهِ الْأَصْلَحُ ، فَإِنْ كَانَ مُضِرًّا بِالسَّابِلَةِ مُنِعُوا مِنْهَا قَبْلَ النُّزُولِ وَبَعْدَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ بِالسَّابِلَةِ رَاعَى الْأَصْلَحَ فِي نُزُولِهِمْ فِيهَا أَوْ مَنَعَهُمْ مِنْهَا وَنَقَلَ غَيْرَهُمْ إلَيْهَا ، كَمَا فَعَلَ عُمَرُ حِينَ مَصَّرَ الْبَصْرَةَ وَالْكُوفَةَ نَقَلَ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمِصْرَيْنِ مَنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ فِيهِ الْمُسَافِرُونَ فَيَكُونَ سَبَبًا لِانْتِشَارِ الْفِتْنَةِ وَسَفْكِ الدِّمَاءِ وَكَمَا يَفْعَلُ فِي إقْطَاعِ الْمَوَاتِ مَا يَرَى ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَأْذِنُوهُ حَتَّى نَزَلُوهُ لَمْ يَمْنَعْهُمْ مِنْهُ كَمَا لَا يَمْنَعُ مَنْ أَحْيَا مَوَاتًا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَدَبَّرَهُمْ بِمَا يَرَاهُ صَلَاحًا لَهُمْ وَنَهَاهُمْ عَنْ إحْدَاثِ زِيَادَةِ مَنْ بَعْدُ إلَّا عَنْ إذْنِهِ .
رَوَى كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ : قَدِمْنَا مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي عُمْرَتِهِ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ فَكَلَّمَهُ أَهْلُ الْمِيَاهِ فِي الطَّرِيقِ أَنْ يَبْنُوا

اسم الکتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 187
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست