responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 188


بُيُوتًا فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ . لَمْ تَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ ، فَأَذِنَ لَهُمْ وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنَّ ابْنَ السَّبِيلِ أَحَقُّ بِالْمَاءِ وَالظِّلِّ .
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ مَا يَخْتَصُّ بِأَفْنِيَةِ الدُّورِ وَالْأَمْلَاكِ ، فَإِنْ كَانَ مُضِرًّا بِأَرْبَابِهَا مُنِعَ الْمُرْتَفِقُونَ مِنْهَا إلَّا أَنْ يَأْذَنُوا بِدُخُولِ الضَّرَرِ عَلَيْهِمْ فَيُمَكِّنُوا ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُضِرٍّ بِهِمْ فَفِي إبَاحَةِ ارْتِفَاقِهِمْ بِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِمْ قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا أَنَّ لَهُمْ الِارْتِفَاقَ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ أَرْبَابُهَا ؛ لِأَنَّ الْحَرِيمَ مُرْفَقٌ إذَا وَصَلَ أَهْلُهُ إلَى حَقِّهِمْ مِنْهُ سَاوَاهُمْ النَّاسُ فِيمَا عَدَاهُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِارْتِفَاقُ بِحَرِيمِهِمْ إلَّا عَنْ إذْنِهِمْ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِأَمْلَاكِهِمْ فَكَانُوا بِهِ أَحَقَّ وَبِالتَّصَرُّفِ فِيهِ أَخَصَّ ، فَأَمَّا حَرِيمُ الْجَوَامِعِ وَالْمَسَاجِدِ ، فَإِنْ كَانَ الِارْتِفَاقُ بِهِ مُضِرًّا بِأَهْلِ الْمَسَاجِدِ وَالْجَوَامِعِ مُنِعُوا مِنْهُ ، وَلَمْ يَجُزْ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ فِيهِ ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّينَ بِهِ أَحَقُّ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُضِرًّا أَجَازَ ارْتِفَاقَهُمْ بِحَرِيمِهَا .
وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِيهِ إذْنُ السُّلْطَانِ لَهُمْ عَلَى وَجْهَيْنِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي حَرِيمِ الْأَمْلَاكِ .
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ وَهُوَ مَا اخْتَصَّ بِأَفْنِيَةِ الشَّوَارِعِ وَالطُّرُقِ فَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى نَظَرِ السُّلْطَانِ .
وَفِي نَظَرِهِ وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا أَنَّ نَظَرَهُ فِيهِ مَقْصُورٌ عَلَى كَفِّهِمْ عَنْ التَّعَدِّي وَمَنْعِهِمْ مِنْ الْإِضْرَارِ وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمْ عِنْدَ التَّشَاجُرِ ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقِيمَ جَالِسًا وَلَا أَنْ يُقَدِّمَ مُؤَخَّرًا ، وَيَكُونُ السَّابِقُ إلَى الْمَكَانِ أَحَقَّ بِهِ مِنْ الْمَسْبُوقِ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ نَظَرَهُ فِيهِ نَظَرُ مُجْتَهِدٍ فِيمَا يَرَاهُ صَلَاحًا فِي إجْلَاسِ مَنْ يُجْلِسُهُ وَمَنْعِ مَنْ يَمْنَعُهُ وَتَقْدِيمِ مَنْ يُقَدِّمُهُ كَمَا يَجْتَهِدُ فِي أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ وَإِقْطَاعِ الْمَوَاتِ وَلَا يَجْعَلُ السَّابِقَ أَحَقَّ وَلَيْسَ لَهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ عَلَى الْجُلُوسِ أَجْرًا .
وَإِذَا تَرَكَهُمْ عَلَى التَّرَاضِي كَانَ السَّابِقُ مِنْهُمَا إلَى الْمَكَانِ أَحَقَّ بِهِ مِنْ الْمَسْبُوقِ ، فَإِذَا انْصَرَفَ عَنْهُ كَانَ هُوَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْغَدِ فِيهِ سَوَاءً يُرَاعَى فِيهِ السَّابِقُ إلَيْهِ ، وَقَالَ مَالِكٌ : إذَا عُرِفَ أَحَدُهُمْ بِمَكَانٍ وَصَارَ بِهِ مَشْهُورًا كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ قَطْعًا لِلتَّنَازُعِ وَحَسْمًا لِلتَّشَاجُرِ ، وَاعْتِبَارُ هَذَا ، وَإِنْ كَانَ لَهُ فِي الْمَصْلَحَةِ وَجْهٌ يُخْرِجُهُ عَنْ حُكْمِ الْإِبَاحَةِ إلَى حُكْمِ الْمِلْكِ .
( فَصْلٌ ) وَأَمَّا جُلُوسُ الْعُلَمَاءِ وَالْفُقَهَاءِ فِي الْجَوَامِعِ وَالْمَسَاجِدِ وَالتَّصَدِّي لِلتَّدْرِيسِ وَالْفُتْيَا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَاجِرٌ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ لَا يَتَصَدَّى لِمَا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ فَيَضِلُّ بِهِ الْمُسْتَهْدِي وَيَزِلُّ بِهِ الْمُسْتَرْشِدُ ، وَقَدْ جَاءَ الْأَثَرُ بِأَنَّ * ( أَجْرَؤُكُمْ عَلَى الْفُتْيَا أَجْرَؤُكُمْ عَلَى جَرَاثِيمِ جَهَنَّمَ ) * .

اسم الکتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 188
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست