ولا فرق في ذلك : بين ان يكون التصرف في تمام اجزائها أو في بعضها ، وبين ان يكون مزاحما للمتعبدين فيها وان لا يكون مزاحما لهم ، بل في الجواهر جعل جواز التصرف - حق فيما لا يوجب المزاحمة والضيق - منافيا للضروري من للشرع . هذا . ولكن المحقق في الشرايع قال : اما لو عمر فيها مالا يضر ولا يؤدي إلى ضيقها عما يحتاج إليه المتعبدون كاليسير لم امنع منه ، ووافقه عليه بعض من تأخر عنه . والصحيح ما افاده المحقق ( قده ) . والوجه فيه : انه لا يقاس تلك الأماكن المشرفة بالوقف كالمسجد والمدرسة وما شاكل ذلك ، فان الوقوف حسب ما يوقفها أهلها فلا يجوز التصرف فيها بما ينافي جهة وقفها . واما هذه الأماكن المحترمة فليست بوقف شرعا ، ولذا لا تترتب عليها احكام الوقف ، ومجرد ان الله تعالى جعلها مشعرا للعبادة وموطنا لها في وقت خاص من أيام السنة لا يوجب كونها وقفا بالمعنى المعهود ، وليس لنا دليل آخر يدل على انها وقف . وعليه فلا مانع من التصرف فيها بما لا يوجب المزاحمة والضيق على المتعبدين ، كما إذا كان في غير أوقات النسك ، فان كونها متعلقة لحقوق المسلمين معناه انه لا تجوز مزاحمتهم في أوقات قيامهم بالنسك والأعمال فيها ، واما في غير تلك الأوقات فلا مقتضى لعدم جوازه . ومن هنا يظهر انه لا مانع من الزرع الفصلي فيها يعني - في غير فصل النسك والأعمال - على أساس انه لا يوجب المزاحمة ، بل لا مانع من تأسيس عمارات وبيوت سكن فيها التي تؤجر في تلك الأوقات من الناسكين والمتعبدين نظرا إلى أنها لم تكن مزاحمة لهم .