responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اقتصادنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 95


ولن يكون التفسير الماركسي للدولة ، تفسيراً علمياً ، إذا أمكن أن نفترض : أن للعقيدة الدينية ، تأثيراً في تكوين كثير من الدول والسلطات السياسية ، التي كانت ترتكز على أساس ديني ، وتتمثل في جماعات لا تشترك في مصلحة طبقية ، وإنما تشترك في طابع ديني واحد .
وكذلك إذا أمكن أن نفترض : أن نشوء الدولة في المجتمع الانساني ، كان إشباعاً لنزعة أصيلة في النفس الانسانية ، التي تملك استعداداً كامناً للميل إلى السيطرة والتفوق على الآخرين . فكانت الحكومة من وحي هذا الميل ، وتعبيراً عملياً عنه .
ولا أريد أن أستقصي كل الفرضيات ، التي يمكن تفسير الدولة على أساسها ، وإنما أرمي من وراء هذا ، إلى القول بأن تفسير الماركسية ، للدولة ، لا يمكن أن يكتسب طابعاً عملياً ، ما لم يستطع أن يدحض سائر تلك الافتراضات ، ويقدم الدليل من الواقع على زيفها .
وقد سقنا تفسير الماركسية للدولة ، كنموذج لسائر مفاهيمها وفرضياتها التاريخية ، التي تفسر المجتمع الانسان على أساسها . فإن جميع تلك الفرضيات تتطلب من الماركسية - لكي تصبح نظريات علمية جديرة بالقبول - أن تقدم الدليل على كذب كل فرضية سواها . ولا يكفي لقبولها أن تكون فرضيات ممكنة صالحة للانطباق على الواقع وتفسيره .
فلنرى - إذن - ماذا يمكن للماركسية أن تقدمه من دليل علمي بهذا الصدد ؟ . ان أول وأهم عقبة تواجه الماركسية في هذا المجال ، هي العقبة التي تضعها في طريقها ، طبيعة البحث التاريخي . ذلك أن البحث في المجال التاريخي ، ( نشوء المجتمع ، وتطوره ، والعوامل الأساسية فيه ) . يختلف عن البحوث العلمية في مجالات العلوم الطبيعية ، التي يستخلصها العالم الفيزيائي - مثلاً - من تجاربه العملية في المختبر .
فالباحث التاريخي ، والعالم الفيزيائي ، وإن كانا يلتقيان عند نقطة واحدة ، وهي : أن كلاً منهما يتناول مجموعة من الظواهر - ظواهر المجتمع البشري كالدولة والأفكار والملكية . أو ظواهر الطبيعة كالحرارة والصوت والنور - ويحاولان تنظيم تلك الظواهر ، بصفتها مواداً للبحث ، واستكشاف أسبابها ، والعوامل الأساسية فيها . . .

اسم الکتاب : اقتصادنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 95
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست