responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اقتصادنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 94


الاجتماعية على أساس آخر ، ولم يدحض الدليل العلمي ذلك ، فليس التفسير الماركسي ، تفسيراً علمياً ، إذا أمكن - مثلاً - أن نفسر نشوء الدولة ، على أساس تعقيد الحياة المدنية . ونبرر بذلك قيام الدولة في كثير من المجتمعات البشرية . ففي مصر القديمة - مثلاً - لم تكن الحياة الاجتماعية فيها ممكنة ، بدون جهود معقدة جسيمة ، وعمل واسع شامل ، لتنظيم جريان وفيضان الأنهر الكبيرة ، وتنظيم شؤون الري . فظهرت الدولة لتسيير الحياة الاجتماعية ، والإشراف على العمليات المعقدة ، التي تتوقف الحياة العامة عليها . ولأجل هذا نجد أن طائفة الاكليروس المصريين ، كانوا يتمتعون بمكانة عليا في جهاز الدولة المصرية القديمة ، لا على أساس طبقي ، وإنما على أساس الدور الخطير ، الذي لعبته معارفهم العلمية ، في نظام الزراعة المصرية . وكذلك أيضاً نجد أن رجال الكنيسة ، تمتعوا بمركز كبير في جهاز الدولة الرومانية ، عندما دخل الجرمان في الدولة الرومانية ، أفواجاً متبرة تلو أفواج . إذ بدت الكنيسة - على إثر ما أدى إليه الغزو الجرماني ، من انهيار التعليم والثقافة - صاحبة الصدارة الفكرية في البلاد ، حيث صار الرجل من رجال الدين الكنيسي ، هو الوحيد الذي يعرف القراءة والكتابة ، والتكلم باللاتينية . وهو الذي يفهم دون غيره - حساب الشهور ، ويستطيع أن يمارس العمل الرتيب ، لتصريف شؤون الإدارة الحكومية ، بينما انصرف ملوك الجرمان ، والقادة العسكريون منهم ، إلى صيد الخنازير والإبل والغزال ، وخوض معارك الغزو والتخريب .
فكان من الطبيعي ، أن يسيطر رجال الكنيسة على الإدارة الحكومية في البلاد ، ويكون لهم أثر كبير في الجهاز السياسي الحاكم ، الأمر الذي جلب لهم من المغانم والمكاسب ، ما جعلهم - في رأي الماركسية - طبقة ذات مصالح اقتصادية معينة . فالنفوذ الاقتصادي أو المصالح الاقتصادية ، إنما حصلت عن طريق الوجود السياسي . وأما وجودهم السياسي في جهاز الحكم ، فلم يكن قائماً على أساس ذلك النفوذ الاقتصادي ، الذي اكتسبوه بعد ذلك ، وإنما قام على أساس امتيازاته الفكرية والإدارية .

اسم الکتاب : اقتصادنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 94
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست