responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اقتصادنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 96


غير أنهما يختلفان في موقفهما العلمي ، من تلك الظواهر موضوعة الدرس ومرد اختلافهما إلى سببين : فان الباحث التاريخي ، الذي يريد أن يفسر المجتمع البشري ، ونشوءه وتطوره ومراحله ، في ضوء الظواهر التاريخية والاجتماعية ، لا يستطيع أن يتبين هذه الظواهر بصورة مباشرة ، كما يتبين العالم الفيزيائي ظواهر الطبيعة ، التي يدرسها في مختبره الخاص ، وإنما هو مضطر إلى تكوين فكرة عنها ، ترتكز على النقل والرواية ، وشتى المخلوقات العمرانية وغيرها من الآثار ، ذات الدلالة الناقصة . فالفرق إذن كبير جداً ، بين الظواهر الطبيعية ، التي يرتكز عليها البحث العلمي ، في العلوم الطبيعة ، بصفتها المواد الرئيسية له ، وبين الظواهر التاريخية ، التي يقوم على أساسها البحث التاريخي ، بصفتها مواداً أولية له . فالمواد في العلوم الطبيعية ، ظواهر معاصرة للعالم الطبيعي ، موجودة في مختبره ، يستطيع مشاهدتها ، وتسليط الضوء العلمي عليها ، وبالتالي وضع تفسير كامل لها . . وعلى العكس من ذلك تماماً ، المواد التي يملكها الباحث التاريخي . فإنه لدى محاولة استكشاف العوامل الأساسية في المجتمع ، وكيفية نشوئه وتطوره ، مضطر إلى الاعتماد في تكوين مواد البحث ، وفي الاستنتاج والتفسير ، على كثر من الظواهر التاريخية للمجتمع ، التي لا يستطيع الباحث مشاهدتها ، إلا من خلال النقل والرواية ، أو من خلال بعض الآثار التاريخية الباقية ونذكر على سبيل المثال أنجلز ، بوصفه باحثاً تاريخياً ، حاول في كتابه ( أصل العائلة ) تفسير الظواهر الاجتماعية علمياً ، فاضطر إلى الاعتماد - بصورة رئيسية - في استنتاجاته ، على روايات ومزاعم مؤرخ أو رجالة معين ، هو مورغان .
وهكذا يختلف البحث التاريخي ، عن البحث الطبيعي من ناحية المادة ( الظواهر ) ، التي يملكها الباحث ، ويقيم عليها تفسيره واستنتاجه . ولا يقف اختلافهما عند هذا الحد . فإنهما كما يختلفان من ناحية المادة ، كذلك يوجد سبب آخر لاختلافهما من ناحية الدليل الذي يمكن للباحث استخدامه ، في سبيل تدعيم هذا التفسير العلمي أو ذاك .

اسم الکتاب : اقتصادنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 96
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست