responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اقتصادنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 93


وأسبابه . ولا يصل هذا التفسير الافتراضي ، إلى الدرجة العلمية ، إلا إذا استطاع الدليل العلمي ، أن يبرهن ، وينفي إمكان أي تفسير آخر ، للظاهرة موضوعة البحث ، عداه . فما لم يقم الدليل على ذلك ، لا يصل التفسير المفترض إلى درجة اليقين العلمي ، ولا يوجد مبرر لقبوله ، دون سواه من الافتراضات والتفاسير . فمثلاً قد نجد شخصاً معيناً ، يلتزم في ساعة معينة ، بالعبور من شارع خاص . وقد نفترض لتفسير هذه الظاهرة : أن هذا الشخص يسلك هذا الطريق بالذات ، في كل يوم ، لأن له عملاً يومياً في معمل ، يقع في منتهى الشارع . وهذا الافتراض وإن كان يصلح لتفسير الواقع ، غير أن ذلك لا يعين قبوله ، ما دام من الممكن أن نفسر سلوك هذا الشخص ، في ضوء آخر : كما إذا افترضنا أنه يزور صديقاً له ، يسكن بيتاً في ذلك الشارع . أو يراجع طبيباً يقطن في تلك المنطقة ، ليستشيره في حالة مرضية . أو يقصد مدرسة معينة ، تلقى فيها المحاضرات بصورة رتيبة .
وهكذا الأمر في التفسير الماركسي للتاريخ ( المادية التاريخية ) ، فإنه لا يمكن - حتى إذا افترضنا كفاءته لتفسير الواقع التاريخي - إن يكتسب الدرجة العلمية أو الوثوق العلمي ، ما لم يخرج عن كونه افتراضاً ، ويحصل على دليل علمي ، يدحض كل افتراض عداه ، في تفسير التاريخ .
ولنأخذ تفسير المادية التاريخية للدولة مثالاً لذلك . فهي تفسير نشوء الدولة ووجودها في حياة الانسان ، على أساس العامل الاقتصادي ، والتناقض الطبقي ، فالمجتمع المتناقض طبقياً ، يلتهب فيه الصراع ، بين الطبقة القوية المالكة لوسائل الإنتاج ، والطبقة الضعيفة التي لا تملك شيئاً ، فتقوم الطبقة الغالبة ، بإنشاء أداة سياسية لحماية مصالحها الاقتصادية ، والحفاظ على مركزها الرئيسي . وهذه الأداة السياسية في الحكومة ، بمختلف أشكالها التاريخية .
وهذا التفسير الماركسي للدولة أو الحكومة ، لا يكتسب قيمة علمية مؤكدة ، إلا إذا أفلست كل التفاسير ، التي يمكن أن يبرر بها نشوء الدولة في المجتمع البشري ، سوى كونها أداة سياسية للاستغلال الطبقي . وأما إذا استطعنا ، أن نفسر هذه الظاهرة

اسم الکتاب : اقتصادنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 93
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست