والمصدر الأساسي للحقوق الخاصة في أراضي الدولة هو الاحياء والتعمير . فممارسة هذا العمل أو البدء بالعمليات التمهيدية له يمنح الممارس حقاً خاصاً في الأرض ، وبدون ذلك لا تعترف الشريعة بالحق الخاص إطلاقا [1] بوصفه عملية مستقلة منفصلة عن الاحياء لا تكون سبباً لاكتساب حق خاص في الأرض وقد جاء في الرواية عن عمر بن الخطاب أنه قال : ليس لأحد أن يتحجر [2] والسؤال المهم فقهياً بهذا الشأن ، يرتبط بطبيعة الحق الذي يستمده الفرد من عملية الاحياء : فما هو هذا الحق الذي يحصل عليه الفرد ، نتيجة لعمله في الأرض الميتة وإحيائها ؟ هذا هو السؤال الذي يجب علينا أن نجيب عليه ، في ضوء مجموع النصوص التي تناولت عملية الإحياء ، وشرحت أحكامها الشرعية . وجواب الكثير من الفقهاء على هذا السؤال : أن مرد الحق الذي يستمده الفرد من إحياء الأرض ، إلى تملكه لها ملكية خاصة [3] ، فتخرج الأرض بسبب الاحياء عن نطاق الدولة إلى نطاق الملكية الخاصة ، ويملك الفرد الأرض التي أحياها نتيجة لعمله المنفق عليها أن الذي بعث فيها الحياة . وهناك رأي فقهي آخر يبدو أكثر انسجاماً مع النصوص التشريعية ، يقول : إن عملية الاحياء لا تغير من شكل ملكية الأرض ، بل تظل الأرض وإنما يكتسب بالإحياء حقاً في الأرض دون مستوى الملكية ، ويخول له بموجب هذا الحق استثمار الأرض والاستفادة منها ، ومنع غيره ممن له يشاركه جهده وعمله من مزاحمته وانتزاع الأرض منه ، ما دام قائماً بواجبها . وهذا القدر من الحق لا يعفيه من واجباته تجاه منصب الإمامة ، بوصفه المالك الشرعي لرقبة الأرض ، فللإمام أن يفرض عليه الأجرة
[1] راجع الملحق رقم 3 . [2] الأم ج 4 ، ص 46 . [3] لاحظ جواهر الكلام ج 38 ، ص 9 .