responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأغذية والأدوية المؤلف : الإسرائيلي، إسحاق بن سليمان    الجزء : 1  صفحة : 73


والصنعة فيها ، مثل إصلاحها اللبن في الثدي وجميع الفواكه الكاملة النضج على نباتها وأشجارها .
وأما ما بقي من الحبوب على حالته الأولى من الصلابة واليبس بعد سلقه وإنقاعه أو شيه ، فهو دليل على بقايا رطوبة فضلية غليظة لزجة فيها قد ضعفت الطبيعة عن إنضاجها وتلطيفها . ولذلك صار جوهرها جوهرا غليظا أرضيا شبيها بجوهر الفطير البارد والجلود غير المدبوغة [1] . ولهذه الجهة لم تنفذ قوة النار والماء إلى باطنه فترخيه وتلينه . وما كان كذلك كان غير محمود لأنه لا يكاد أن يستكمل دما إلا بقوة شديدة ، حتى أنه كثيرا ما يستحيل إلى الفساد قبل تمام نضجه وإحكام فعل الطبيعة فيه ، لأنه ينتقل بسرعة إلى البلغم الغليظ المسمى الخام ، ويصير سببا لأمراض كثيرة مختلفة . ولذلك صار متى استعمله من كان ضعيف البدن لم يكد أن يتم هضمه في معدته ولا استحالته إلى الدم في كبده .
ولجالينوس فيما يطبخ من الحبوب أو يقلى أو يشوى قول [2] قال فيه : إذا أردت أن تطبخ شيئا من الحبوب مثل شعير أو حنطة فسد الوصل الذي بين القدر والغطاء بعجين أو بغيره واطبخه بنار لينة من غير أن تحركه حتى يتهرأ ويبلغ النهاية ، فإذا بلغ النهاية فحركه وأنضجه جيدا ولا تحركه قبل أن ينتهى نضجه ، فتنسحق أطرافه وتحترق قبل [3] كمال نضجه . وقال أيضا : وكل حب يقلى أو يشوى فرياحه ونفخه تزول عنه إلا أن استمراءه يعسر ولبثه يطول والمتولد عنه يكون أغلظ كثيرا .
فإن قال قائل : ما بال جالينوس قال في هذا الفصل أن كل ما يقلى من الحبوب أو يشوى فانهضامه يعسر ولبثه يطول . وقال في فصل غيره : أن كل ما يشوى من الحبوب أو يقلى وينتفخ انتفاخا كبيرا ، فإن رياحه تزول عنه ويجود استمراؤه في المعدة والكبد جميعا .
قلنا : إن جالينوس إنما أضاف ما يقلى من الحبوب أو يشوى فيربو وينتفخ في هذا الفصل ، إلى ما يسلق أو يطبخ فقال : إن ما يقلى من الحبوب أو يشوى ويربو فإنه ، وإن كانت رياحه ونفخه قد زالت عنه ، فهو ، بالإضافة إلى ما يسلق أو يطبخ ، أبعد انهضاما وأعسر استحالة . فأما في الفصل الآخر فإنه إنما أضاف ذلك إلى ما يقلى ويشوى من الحبوب فلا يربو ولا ينتفخ ، فقال : إن كل ما يربو وينتفخ عند الصنعة ، فهو أسرع انهضاما مما لا يربو ولا ينتفخ ، لأنه قد يمكن أن يضاف شئ واحد إلى شيئين مختلفين ، فتختلف إضافته تلقاء اختلافها ، ولا يختلف هو في ذاته من الانسان الواحد ، فإنه قد يضاف إلى أبيه فيكون ابنا ، ويضاف إلى ابنه فيكون أبا . وليس لما كان بإضافته إلى أبيه صار ابنا ، وجب أن يكون بإضافته إلى أبيه يكون أبا ، لان هذا من أبين المحال .
ولذلك لا يلزم ( 1 ) إذا أضفنا ما يقلى من الحبوب أو يشوى ويربو إلى ما يطبخ ويسلق فوجدناه عسر الانهضام بطئ الاستحالة ، أن يكون إذا أضفناه أيضا إلى ما يقلى ويشوى ولا يربو ولا ينتفخ ، أن يكون عسير الانهضام بطئ الاستحالة لان هذا من أبين المحال .



[1] في الأصل : الغير مدبوغة .
[2] مضافة في الهامش .
[3] ( لا يلزم ) مضافة في الهامش .

اسم الکتاب : الأغذية والأدوية المؤلف : الإسرائيلي، إسحاق بن سليمان    الجزء : 1  صفحة : 73
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست