responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 15


ولو قلنا ذلك لفارقنا حكم العقول . لكن قلنا : إن من الاستدلال ما يؤدي إلى مذهب صحيح إذا كان الاستدلال صحيحا مرتبا ترتيبا قويما على ما قد بيناه وأحكمناه غاية الاحكام في كتاب التقريب . وقد يوقع الاستدلال إذا كان فاسدا على مذهب فاسد ، وذلك إذا خولف به طريق الاستدلال الصحيح ، وقد نبهنا على الشعاب والعوارض المعترضة في طريق الاستدلال وبيناها وحذرنا منها في الكتاب المذكور ، ولم ندع هنالك في تبيين كل ما ذكرناه علقة وأوضحناه غاية الايضاح .
فالراجع عن مذهب إلى مذهب لا بد له ضرورة من أن يكون أحد استدلالية فاسدا ، إما الأول ، وإما الثاني ، وقد يكونان معا فاسدين ، فينتقل من مذهب فاسد إلى مذهبه فاسد . أو من مذهب صحيح إلى مذهب فاسد ، أو من مذهب فاسد إلى مذهب صحيح . لا بد من أحد هذه الوجوه ، ولا يجوز أن يكونا صحيحين معا البتة .
لان الشئ لا يكون حقا بإطلاق في وقت واحد من وجه واحد . وقد يكون أقساما كثيرة كلها باطل إلا واحدا فينتقل المرء من قسم فاسد منها إلى آخر فاسد ، وهذا إنما يعرض لمن غبن عقله ولم ينعم النظر ، فمال بهوى أو تهور بشهوة ، أو أحجم لفرط جبنه ، أو لمن كان جاهلا بوجوه طرق الاستدلال الصحيحة لم يطالعها ولا تعلمها . وأكثر ما يقع ذلك فيما يأخذ من مقدمات بعيدة ، فكان الطريق المؤدي من أوائل المعارف إلى صحة المذهب المطلوب طريقا بعيدا كثير الشعب ، فيكل فيها الذهن الكليل ، ويدخل مع طول الامر وكثرة العمل ودقته السآمة ، فيتولد فيها الشك والخبال والسهو ، كما يدخله ذلك على الحاسب في حسابه ، على أن الحساب علم ضروري لا يتناقض فيجد أعدادا متفرقة في قرطاس ، فإذا أراد الحاسب جمعها فإن كثرت جدا فربما غفل وغلط ، حتى إذا حقق وتثبت ولم يشغل خاطره بشئ وقف على اليقين بلا شك .

اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 15
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست