responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 16


هذا شئ يوجد حسا كما ترى ، وقد يدخل أيضا على الحواس ، فيرى المرء بعينه شخصا ، فربما ظنه زيدا وكابر عليه ، حتى إذا تثبت فيه علم أنه عمرو ، وهكذا يعرض في الصوت المسموع وفي المشموم وفي الملموس وفي المذوق ، وقد يعرض ذلك الشئ ، يطلبه المرء وهو بين يديه في جملة أشياء كثيرة فيطول عناؤه في طلبه ويتعذر عليه وجوده ، ثم يجده بعد ذلك ، فلا يكون عدم وجوده إياه مبطلا لكونه بين يديه حقيقة ، فكذلك يعرض في الاستدلال ، وليس شئ من ذلك بموجب بطلان صحة إدراك الحواس ، ولا صحة إدراك العقل الذي به علمت صحة ما أدركته الحواس ، ولولاه لم نعلم أصلا ، كما أن حواس المجنون المطب والمغشي عليه لا يكاد ينتفع بها ، وقل ما يعرض هذا في أعداد يسيرة ولا فيما أخذ بمقدمات قريبة من أوائل المعارف ، ولا سبيل إلى أن يعرض ذلك فيما أوجبته أوائل المعارف إلا لسوفسطائي رقيع ، يعلم يقينا بقلبه أنه كاذب ، وأنه مبطل وقاح ، أو لمرور ممسوس ينبغي أن يعالج دماغه ، فهذا معذور ، وإنما نكلم الأنفس لسنا نقصد بكلامنا الألسنة . ولا علينا قصر الألسنة بالحجة إلى الاذعان بالحق ، وإنما علينا قسر الأنفس إلى تيقن معرفته فقط .
فهذا الذي ظنوه من رجوع من كان على مذهب ما إلى مذهب آخر أن ذلك كله حجج عقل تفاسدت ، إنما هو خطأ صريح ، فمن هنا دخلت عليهم الشبهة ، وإنما بيان ذلك أن ما كان من الدلائل صحيحا مسبورا محققا ، فهو حجة العقل ، وما كان منها بخلاف ذلك فليست حجة عقل ، بل العقل يبطلها ، فسقط ما ظنوا والحمد لله رب العالمين . وقد أحكمنا هذا غاية الاحكام والحمد لله رب العالمين ، في باب أفردناه لهذا المعنى في آخر كتابنا الموسوم بالفصل ، ترجمته ( باب الكلام على من قال بتكافؤ الأدلة ) .
وقد سألوا أيضا فقالوا : بأي شئ عرفتم صحة حجة العقل ؟ أبحجة عقل أم بغير ذلك ؟ فإن قلتم : عرفناها بحجة العقل ففي ذلك نازعناكم ، وإن قلتم بغير ذلك فهاتوه .
قال أبو محمد ، وهذا سؤال مبطل الحقائق كلها ، والجواب على ذلك وبالله تعالى

اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 16
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست