الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِى الْقُوَى الْحَيَوَانِيَّةِ
وَأمَّا الْقُوَّةُ الْحَيَوَانِيَّةُ، فَيَعْنُونَ بِهَا الْقُوَّةَ الَّتِى إذَا حَصَلَتْ فِى الأَعْضَاءِ، هَيَّأَتْهَا لِقَبُولِ قُوَّةِ الْحِسِّ وَ الحَرَكَةِ وَأَفْعَالِ الْحَيَاةِ. وَ يُضِيفُونَ إلَيْهَا حَرَكَاتِ الْخَوْفِ وَ الْغَضَبِ لِمَا يَجِدُونَ فِى ذَلِكَ مِنَ الانْبِسَاطِ وَالانْقِبَاضِ الْعَارِضَيْنِ [1]
لِلرُّوحِ الْمَنْسُوبِ إلَى هَذِهِ الْقُوَّةِ. وَ لْنُفَصِّلْ هَذِهِ الْجُمْلَةَ فَنَقُولُ: إنَّهُ كَمَا قَدْ
يَتَوَلَّدُ مِنْ كَثَافَةِ الأخْلاطِ بِحَسَبِ مِزَاجٍ مَا جَوْهَرٌ كَثِيفٌ، هُوَ الْعُضْوُ، أَوْ جُزْءٌ
مِنَ الْعُضْوِ فَقَدْ يَتَوَلَّدُ مِنَ بُخَارِيَّةِ الأخْلَاطِ وَ لَطَافَتِهَا بِحَسَبِ مِزَاجٍ مَا جَوْهَرٌ لَطِيفٌ، هُوَ الرُّوحُ وَ كَمَا أنَّ الْكَبِدَ عِنْدَ الأَطِبَّاءِ مَعْدِنٌ لِتَوَلُّدِ الأَوَّلِ، كَذَلِكَ
الْقَلْبُ مَعْدِنٌ لِتَوَلُّدِ الثَّانِى. وَهَذَا الرُّوحُ إذَا حَدَثَ عَلَى مِزَاجِهِ الَّذِى يَنْبَغِى أنْ يَكُونَ لَهُ اسْتَعَدَّ لِقَبُولِ [2] تِلْكَ الْقُوَّةِ الَّتِى [3] تُعِدُّ الأَعْضَاءَ كُلَّهَا لِقَبُولِ الْقُوَى الأُخْرَى النَّفْسَانِيَّةِ وَ غَيْرِهَا.
وَ الْقُوَى النَّفْسَانِيَّةُ لا تَحْدُثُ فِى الرُّوحِ وَ الأَعْضَاءِ إلَّا بَعْدَ حُدُوثِ هَذِهِ الْقُوَّةِ، وَإنْ تَعَطَّلَ عُضْوٌ مِنَ الْقُوَى النَّفْسَانِيَّةِ وَ لَمْ يَتَعَطَّلْ بَعْدُ مِنْ هَذِهِ الْقُوَّةِ، فَهُوَ حَىٌّ، أَ لَا تَرَى أنَّ الْعُضْوَ الْخَدِرَ، وَ الْعُضْوَ الْمَفْلُوجَ، فَاقِدٌ فِى الْحَالِ لِقُوَّةِ الْحِسِّ وَالْحَرَكَةِ لِمِزَاجٍ يَمْنَعُهُ عَنْ قَبُولِهِ أَوْ سُدَّةٍ عَارِضَةٍ بَيْنَ الدِّمَاغِ وَ بَيْنَهُ فِى الأَعْصَابِ الْمُنْبَثَّةِ إِلَيْهِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ حَىٌّ وَالْعُضْوُ الَّذِى يَعْرِضُ لَهُ الْمَوْتُ، فَاقِدُ الْحِسِ [4] وَ الْحَرَكَةِ وَ
[1] ط، آ، ج: العارضين. ب: العارض.
[2] ط، آ، ج: لقبول. ب: لقوّة.
[3] ب:- التى.
[4] ط: للحسّ. ب: الحسّ.