يَعْرِضُ لَهُ أنْ يَعْفَنَ وَ يَفْسُدَ فَإذَنْ فِى الْعُضْوِ الْمَفْلُوجِ قُوَّةٌ تَحْفَظُ حَيَاتَهُ حَتَّى إذَا زَالَ الْعَائِقُ فَاضَ إلَيْهِ قُوَّةُ الْحِسِّ وَ الحَرَكَةِ، وَ كَانَ مُسْتَعِدّاً لِقَبُولِهِمَا [1] بِسَبَبِ صِحَّةِ الْقُوَّةِ الْحَيَوَانِيَّةِ فِيهِ، وَإنَّمَا الْمَانِعُ هُوَ الَّذِى يَمْنَعُهُ [2] عَنْ قَبُولِهِ [3] بِالْفِعْلِ. وَ لَا كَذَلِكَ الْعُضْوُ الْمَيِّتُ وَ لَيْسَ هَذَا الْمُعِدُّ هُوَ قُوَّةَ التَّغْذِيَةِ وَغَيْرِهَا، حَتَّى إذَا كَانَتْ قُوَّةُ التَّغْذِيَةِ بَاقِيَةً كَانَ حَيّاً، وَإذَا بَطَلَتْ كَانَ مَيِّتاً. فَإنَّ هَذَا الْكَلَامَ بِعَيْنِهِ قَدْ يَتَنَاوَلُ قُوَّةَ التَّغْذِيَةِ، فَرُبَمَا بَطَلَ فِعْلُهَا فِى بَعْضِ الأَعْضَاءِ وَ بَقِىَ حَيّاً وَ رُبَمَا بَقِىَ فِعْلُهَا وَ الْعُضْوُ إلَى الْمَوْتِ.
وَلَوْ كَانَتِ الْقُوَّةُ الْمُغَذِّيَةُ بِمَا هِىَ قُوَّةٌ مُغَذِّيَةٌ تُعِدُّ لِلْحِسِّ وَ الْحَرَكَةِ، لَكَانَ النَّبَاتُ قَدْ يَسْتَعِدُّ لِقَبُولِ الْحِسِّ وَ الْحَرَكَةِ فَبَقِىَ [4] أنْ يَكُونَ الْمُعِدُّ أَمْراً آخَرَ يَتْبَعُ مِزَاجاً خَاصّاً، وَ يُسَمَّى قُوَّةً حَيَوَانِيَّةً، وَ هُوَ أَوَّلُ قُوَّةٍ تَحْدُثُ فِى الرُّوحِ إذَا حَدَثَ الرُّوحُ مِنْ لَطَافَةِ الأَمْشَاجِ.
ثُمَّ إنَّ الرُّوحَ تَقْبَلُ بِهَا- عِنْدَ الْحَكِيمِ «أَرَسْطُو [5] طَالِيسَ»- الْمَبْدَأَ الأَوَّلَ وَ النَّفْسَ الأُولَى الَّتِى يَنْبَعِثُ عَنْهَا سَائِرُ الْقُوَى، إلَّا أنَّ أَفْعَالَ تِلْكَ الْقُوَى لَا تَصْدُرُ عَنِ الرُّوحِ فِى أَوَّلِ الأَمْرِ، كَمَا أنَّهُ أيْضاً لَا يَصْدُرُ الإِحْسَاسُ عِنْدَ الأَطِبَّاءِ عَنِ الرُّوحِ النَّفْسَانِىِّ الَّذِى فِى الدِّمَاغِ مَا لَمْ يَنْفُذْ إلَى [6] الْجَلِيدِيَّةِ، أَوْ إلَى اللِّسَانِ، أَوْ غَيْرِ
[1] ط، آ، ج: لقبولهما. ب: لقبولها.
[2] ط، ج: يمنعه. ب: يمنع.
[3] ط:+ لهما.
[4] ط، ج: فبقى. ب: فيبقى.
[5] ط، آ، ج: الفيلسوف ارسطا. ب: الحكيم ارسطو.
[6] ط: فى. ب، ج: إلى.