عَلَى الْمَجْذُوبِ بِإمْسَاكِ جُزْءٍ مِنَ الآلَةِ لِيَلْحَقَ بِهِ جَذْبُ الْجُزْءِ الآخَرِ. وَبِالْجُمْلَةِ لَا حَاجَةَ بِالدَّافِعَةِ إلَى التَّسْكِينِ الْبَتَّةَ بَلْ إلَى التَّحْرِيكِ وَ إلَى قَلِيلِ تَكْثِيفٍ يُعِينُ الْعَصْرَ وَ الدَّفْعَ لَا مِقْدَارَ مَا تَبْقَى بِهِ الآلَةُ حَافِظَةً لِهَيْئَةِ شَكْلِ الْعُضْو [1] أوْ الْقَبْضِ، كَمَا فِى الْمَاسِكَةِ زَمَاناً طَوِيلًا وَ فِى الْجَاذِبَةِ زَمَاناً يَسِيراً رَيْثَ تُلاحِقُ جَذْبَ الأجْزَاءِ. فَلِهَذَا حَاجَتُهَا إلَى الْيُبْسِ قَلِيلَةٌ وَ أَحْوَجُهَا كُلِّهَا إلَى الْحَرَارَةِ هِىَ الْهَاضِمَةُ، وَ لَا حَاجَةَ بِهَا إلَى الْيُبُوسَةِ، بَلْ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى الرُّطُوبَةِ لِتُسِيلَ [2] الْغِذَاءَ وَ تُهَيِّئَهُ لِلنُّفُوذِ فِى الْمَجَارِى وَ الْقَبُولِ لِلأَشْكَالِ. وَلَيْسَ لِقَائِلٍ أنْ يَقُولَ: إنَّ الرُّطُوبَةَ لَوْ كَانَتْ مُعِينَةً لِلْهَضْمِ لَكَانَ الصِّبْيَانُ لا يَعْجُزُ قُوَاهُمْ عَنِ [3] الأشْيَاءِ الصُّلْبَةِ، فَإنَّ الصِّبْيَانَ لَيْسُوا يَعْجِزُونَ عَنْ هَضْمِ ذَلِكَ، وَالشُّبَّانَ يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ لِهَذَا السَّبَبِ بَلْ لِسَبَبِ [4] الْمُجَانَسَةِ وَ الْبُعْدِ عَنِ الْمُجَانَسَةِ فَمَا كَانَ مِنَ الأشْيَاءِ صُلْباً لَمْ يُجَانِسْ مِزَاجَ الصِّبْيَانِ، فَلَمْ تَقْبَلْ عَلَيْهَا قُوَاهُمُ الْهَاضِمَةُ وَ لَمْ تَقْبَلْهَا قُوَاهُمُ الْمَاسِكَةُ، وَدَفَعَهَا بِسُرْعَةٍ قُوَاهُمُ الدَّافِعَةُ. وَأَمَّا الشُّبَّانُ، فَذَلِكَ مُوَافِقٌ لِمِزَاجِهِمْ صَالِحٌ لِتَغْذِيَتِهِمْ، فَيَجْتَمِعُ مِنْ هَذِهِ أنَّ الْمَاسِكَةَ تَحْتَاجُ إلَى قَبْضٍ وَإلَى إثْبَاتِ هَيْئَةِ قَبْضٍ زَمَاناً طَوِيلًا وَإلَى مَعُونَةٍ يَسِيرَةٍ فِى الْحَرَكَةِ. وَالْجَاذِبَةَ إلَى قَبْضٍ وَثَبَاتِ قَبْضٍ زَمَاناً يَسِيراً جِدّاً وَمَعُونَةٍ كَثِيرَةٍ فِى الْحَرَكَةِ. وَالدَّافِعَةَ إلَى قَبْضٍ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ ثَبَاتٍ يُعْتَدُّ بِهِ وَإلَى مَعُونَةٍ عَلَى الْحَرَكَةِ. وَالْهَاضِمَةَ إلَى إِذَابَةٍ وَ تَمْزِيجٍ فَلِذَلِكَ تَتَفَاوَتُ هَذِهِ الْقُوَى فِى اسْتِعْمَالِهَا لِلْكَيْفِيَّاتِ الأرْبَعِ وَاحْتِيَاجِهَا إلَيْهَا.
[1] ط، آ: العصر. ب، ج: العضو.
[2] ط، آ، ج: لتسيل. ب: لتسهيل.
[3] ب:+ هضم.
[4] ط:+ لسبب آخر وهو.