responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القانون في الطب المؤلف : ابن سينا    الجزء : 1  صفحة : 133

والمرتبة الرابعة: أن يكون بحيث يبلغ أن يهلك ويفسد، وهذه خاصية الأدوية السميّة فهذا ما يكون بالكيفية. وأما المهلك بجملة جوهره فهو السم.

ونقول من رأس إن جميع ما يرد على البدن مما يجري بينهما فعل وانفعال: إما أن يتغير عن البدن ولا يغيره، وإما أن يتغيّر عن البدن ويغيره، وإما أن لا يتغيّر عن البدن ويغيره.

فأما الذي يتغيرعن البدن ولا يغيره. تغييراً معتدًا به، فإما أن يتشبه بالبدن، وإما أن لا يتشبه. والذي يتشبّه به هو الغذاء على الإطلاق، وأما الذي لا يتشبه به فهو الدواء المعتدل.

وأما الذي يتغير عن البدن ويغيّره فلا يخلو، إما أن يكون كما يتغير عن البدن يغيّر البدن، ثم إنه يتغير عن البدن اخر الأمر فيبطل بغيره، وإما أن لا يكون كذلك بل يكون هو الذي يغير البدن آخر الأمر ويفسده. والقسم الأول، إما أن يكون بحيث يتشبه بالبدن، أو لا يكون بحيث يتشبّه به، فإن تشبه به فهو الغذاء الدوائي، وإن لم يتشبّه فهو الدواء المطلق. والقسم الثاني فهو الدواء السمّي.

وأما الذي لا يتغير عن البدن البتة ويغيره فهو السم المطلق، ولسنا نعني بقولنا إنه لا يتغير عن البدن أنه لا يسخن في البدن بفعل الحار الغريزي فيه، بل أكثر السموم ما لم يسخن في البدن بفعل الحار الغريزي فيه لم يؤثر فيه بل نعني أنه لا يتغير في صورته الطبيعية، بل لا يزال يفعل وهو ثابت القوة والصورة حتى يفسد البدن، وقد تكون طبيعة هذا حارة فتعين طبيعته خاصيته في تحليل الروح كسم الأفعى والبيش. وقد تكون باردة فتعين طبيعته خاصيته في إخماد الروح وإيهانه كسم العقرب والشوكران وجميع ما يبرّد، وقد يغيّر البدن آخر الأمر تغييراً طبيعياً وهو التسخين. فإنه إذا استحال إلى الدم زاد لا محالة في التسخين، حتى إن الخس والقرع يسخن هذا التسخين، إلا أنا لسنا نقصد بالتغيير هذا التسخين، بل ما كان صادراً عن كيفية الشي‌ء ونوعه بعد باق. والدواء الغذائي يستحيل عن البدن بجوهره ويستحيل عنه بكيفيته، لكنه يستحيل أولًا في كيفيته، فمنه ما يستحيل أولًا إلى حرارة فيسخن كالثوم، ومنه ما يستحيل أولًا إلى برودة فيبرد كالخس. وإذا استتمت الاستحالة إلى الدم كان أكثر فعله التسخين بتوفير الدم، وكيف لا يسخن وقد استحالت حارة وخلعت برودتها. لكنه قد يصحب أيضاً كل واحد منهما من الكيفية الغريزية شي‌ء بعد الاستحالة في الجوهر، فيبقى في الدم الحادث من الخس تبريد ما، ومن الدم الحادث من الثوم تسخين ما ولكن إلى حين.

والأدوية الغذائية فمنها ما هو أقرب إلى الدوائية ومنها ما هو أقرب إلى الغذائية كما أن الأغذية نفسها منها ما هو قريب الطباع إلى جوهر الدم كالشراب ومح البيض وماء اللحم، ومنها ما هو أبعد منه يسيراً مثل الخبز واللحم، ومنها ما هو أبعد جداً كالأغذية الدوائية. و نقول: إن الغذاء يغير حال البدن بكيفيته وكميته، إما بكيفيته فقد عرف ذلك، وإما بكميته فذلك إما بأن يزيد فيورث التخمة والسدد ثم العفونة، واما بأن ينقص فيورث الذبول والزيادة في كمية الغذاء مبردة

اسم الکتاب : القانون في الطب المؤلف : ابن سينا    الجزء : 1  صفحة : 133
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست