تأثيرا و صفاء كما يشاهد فى المنام، فربما كان المحلوم به أعظم شأنا
فى بابه من المحسوس، على أن الأخرى أشد استقرارا
[1] من الموجود فى المنام بحسب قلة العوائق و تجرد النفس و صفاء القابل،
و ليست الصورة التى ترى فى المنام، بل و لا التى تحس فى اليقظة، كما علمت، إلّا
المرتسمة فى النفس. إلا أن أحدهما يتبدى من باطن و ينحدر إليه، و الثانى يبتدئ من
خارج و يرتفع إليه، فإذا ارتسم فى النفس تمّ هناك الإدراك المشاهد، و إنما يلذ و يؤذى
بالحقيقة هذا المرتسم فى النفس [2] لا الموجود في الخارج [3]، فكلما
- أقول هذه الكلمة العليا التي أشار إليها و استفادها من كلام
الشيخ أيضا مبنية على النهج الذي سلكه في إثبات المعاد الجسماني بعد تمهيد أحد عشر
أصلا في معاد الأسفار.
و نجديك جدوى تعينك على الارتقاء إلى ذروة هذا الطود الرفيع إن
أخذت الفطانة بيدك و هي: أن المعراج الجسماني و المعاد الجسماني توأمان يرتضعان من
ثدي واحد، متقاربان في الأحكام، كما أفاده المتأله السبزواري في تعليقاته على
الأسفار، ج 9، ص 48- ط 2- و كذلك المعاد الجسماني و تجسّم الأعمال يرتضعان من لبن
واحد، و التحقيق و التنقيب في ذلك يطلب في رسالتنا «دروس اتحاد العاقل و المعقول»
و مع ذلك لا بدّ لك من شيخ يرشدك.
هيچ كس در نزد خود چيزى نشد
هيچ آهن خنجر تيزى نشد
و الله هو الهادي.
[1] - أقول: هكذا كانت أكثر النسخ المخطوطة عندنا و بعضها
«الأخروي» مكان «الأخرى» و المعنى واحد.
ثمّ إنّ غير واحدة من نسختنا يقرأ «أسدّ» بالسين المهملة، و لا
يخفى وجهه الوجيه.
[2] - هذا كلام بعيد الغور و له شأن عظيم علمي، و كذا قوله الشامخ
في المدرك الذاتي و المدرك بالعرض، و قد بحث عنهما صدر المتألهين في البحث عن
اتحاد العاقل بمعقوله و في البحث عن اللذة في الجواهر و الأعراض من الأسفار، و لنا
في تعليقاتنا على الأسفار و في رسالتنا في الاتحاد المذكور إشارات مجدية فيهما، و
هذه المسائل من أمّهات المسائل في الحكمة المتعالية و في صحف العرفاء مبتنية أيضا
على هذا المبنى القويم، و لا بدّ لك من أستاذ حاذق لتعليم هذه الأسرار المصونة عن
الأغيار.