المضادة العظيمة و تأذت بها أذى عظيما، لكن هذا الأذى و هذا الألم
ليس لأمر لازم، بل لأمر عارض غريب، و الأمر العارض الغريب لا يدوم و لا يبقى، و
يزول و يبطل مع ترك الأفعال التى كانت تثبت تلك الهيئة بتكررها، فيلزم إذن أن تكون
العقوبة التى بحسب ذلك غير خالدة، بل تزول و تنمحى قليلا قليلا [1] حتى تزكو النفس و تبلغ السعادة التى
تخصّها.
و أما النفوس البله التى لم تكتسب الشوق فإنها إذا فارقت البدن و
كانت غير مكتسبة للهيئات الردية صارت إلى سعة من رحمة اللّه تعالى و نوع من
الراحة، و إن كانت مكتسبة للهيئات البدنيّة الردّية و ليس لها عندها هيئة غير ذلك
و لا معنى يضاده و ينافيه فتكون لا محالة ممنوة بشوقها إلى مقتضاها، فتتعذب عذابا
شديدا بفقد البدن و مقتضيات البدن من غير أن يحصل المشتاق إليه، لأن آلة ذلك قد
بطلت و خلق التعلق بالبدن قد بقى.
و يشبه أيضا أن يكون ما قاله بعض
[2] العلماء حقا و هو أن هذه الأنفس إن
[1] - هذا الكلام مبنيّ على تكامل النفوس في البرزخ، كما هو منصوص
في الشرائع الإلهية، و الآيات القرانية صريحة في ذلك و أحاديث أهل بيت الوحي و
العصمة متظافرة فيه، إلّا أنّ الاقتحام في البحث عن ذلك لائق بالبطل العلمي، لأنّ
التكامل البرزخي من أمّهات مسائل الحكمة المتعالية و السؤال المهم في المقام هو عن
بيان نحو ذلك التكامل و لا مادّة هناك، و التكامل أنّما هو في عالم الطبيعة و
المادة، فتبصّر و راجع النكتة 637 من كتابنا الف نكتة و نكتة.
[2] - ذلك البعض هو المعلّم الثاني أبو نصر الفارابي أنّما تصدّى
لجواب ذلك السؤال المذكور آنفا، و هذا الجواب هو تعلق النفوس بعد مفارقتها عن
أبدانها العنصرية، بالأجرام السماوية تعلّقا مّا، أعني نحوا من التعلق بحيث لا
تصير تلك الأجسام أبدانا لها حتى يلزم التناسخ الباطل، و التعلق على عرض عريض و له
مراتب لا يحصر في عدد خاص فانظر إلى تعلقك بولدك في أطواره و شئوناته بحسب سنيه،
فللأب تعلّق بالولد في أوان