و مستكمل كانت خيرا إذا كان ذلك الخروج من القوة إلى الفعل فى معنى
نافع فى الوجود أو بقاء الوجود، و كانت الحركة طبيعية أو اختيارية عقلية، و أما إن
كانت تخييلية فليس يجب أن يكون خيرا حقيقيا بل قد يكون خيرا مظنونا، فيكون إذن كل
غاية فهى باعتبار غاية و باعتبار آخر خير إما مظنون و إما حقيقى، فهذا هو حال
الخير و العلة التمامية.
و أما حال الجود [1] و الخير فيجب أن يعلم أن شيئا واحدا له قياس إلى القابل المستكمل به
و قياس إلى الفاعل الذى يصدر عنه، و إذا كان قياسه إلى الفاعل الذى يصدر عنه بحيث
لا يوجب أن يكون الفاعل منفعلا [2] به أو بشىء يتبعه كان قياسه إلى الفاعل جودا و إلى المنفعل خيرا، و
لفظة الجود و ما يقوم مقامها موضوعها الأول فى اللغات إفادة المفيد لغيره فائدة لا
يستعيض [3] منها بدلا، و أنه إذا استعاض منها بدلا
قيل له مبايع أو معاوض و بالجملة معامل، و لأن الشكر و الثناء و الصيت [4] و سائر الأحوال المستحسنة لا تعد عند
الجمهور من الأعواض، بل إما جواهر و إما أعراض يقررونها
[5] فى موضوعات يظن [6] أن المفيد غيره فائدة يربح منها شكرا هو أيضا جواد و ليس مبايعا و
لا معاوضا، و هو فى الحقيقة معاوض، لأنه [7] أفاد و استفاد
[1] - الجود هو إفادة ما ينبغي لا لعوض. راجع الفصل الخامس من
النمط السادس من الإشارات، و التعليقات للشيخ ص 22، و الأسفار، ج 3، ص 84.
[2] - مثل الواجب تعالى فإنّه يفعل الأشياء و لا ينفعل عنها.