و إذ قد تقرر هذا فنقول: أما فى القسم الأول فإن للغاية نسبة إلى
أمور كثيرة هى قبلها فى الحصول بالفعل و الوجود، لأن لها نسبة إلى الفاعل و نسبة
إلى القابل، و هو بالقوة، و نسبة إلى القابل و هو بالفعل قابل، و نسبة إلى الحركة،
فهى بقياسها إلى الفاعل غاية و بقياسها إلى الحركة نهاية و ليست بغاية، لأن الغاية
التى لأجلها الشىء و يؤمّها [1] الشىء لا يبطل [2] مع وجودها الشىء، بل يستكمل بها الشىء و الحركة تبطل مع انتهائها،
و هو بقياسه إلى القابل [3]
المستكمل به و هو بالقوة خير يصلحه؛ لأن الشر هو العدم لكماله، و الخير الذى
يقابله هو الحصول و الوجود بالفعل، و بالقياس
[4] إلى القابل و هو بالفعل صورة.
و أما الغاية التى بحسب القسم الثانى فبيّن أنها ليست صورة للمادة
المنفعلة و لا هى نفس نهاية الحركة، و قد بان أنها تكون صورة أو عرضا فى الفاعل، و
يكون لا محالة قد خرج بها الفاعل من الذى بالقوة إلى الذى بالفعل، و الذى بالقوة هو
لأجل العدم الذى يقارنه شر، و الذى بالفعل هو الخير الذى يقابله. فتكون إذن هذه
الغاية خيرا بالقياس إلى ذات الفاعل، لا إلى ذات القابل، فإذا نسبت إلى الفاعل من
جهة ما هو مبدأ حركة و فاعل كانت غاية، و إذا نسبت إليه من جهة ما هو خارج بها من
القوة إلى الفعل
[3] - الضميران راجعان إلى الغاية، و التذكير باعتبار الخبر و هو
«خير». و في المطبوعة المصرية: «هي بقياسها» مكان «هو بقياسه»، و لكن النسخ الخمس
المخطوطة عندنا موافقة لما في المتن و اخترناه.