و قد سلف لك بيان هذا و ما أشبهه، فليس الحس بالحقيقة فصل الحيوان،
بل أحد شعب فصله و أحد لوازمه. و إنما فصله وجود النفس التى هى مبدأ هذا كله له، و
كذلك الناطق للإنسان. لكن عدم الأسماء و قلة شعورنا بالفصول يضطرنا إما هذا و إما
ذاك إلى الانحراف عن حقيقة الفصل إلى لازمه. فربما اشتققنا اسمه من لازمه، فعنينا
بالحساس الذى له المبدأ الذى [1] ينبعث منه الحس و غيره و ربما كان الفصل فى نفسه مجهولا عندنا، و لم
نشعر إلّا بلازمه. و ليس كلامنا فى هذه الأمور على حسب ما نعقل نحن و نصنع نحن و
نتصرف فيها نحن، بل من جهة كيفية وجودها فى أنفسها.
ثم لو كان ليس للحيوان نفس إلّا الحساسة كان كونه جسما ذا حس ليس
جنسا [2] بمعنى مجرد الطبيعة الجسمية و الحسية
بشرط أن يكون هو فقط، بل على النحو الذى قلنا
[3]. فاتحاد الفصل بالجنس ليس إلّا على أنه شىء كان مضمّن الجنس بالقوة
لا ملتزم الجنس بالقوة [4]،
و اتحاد المادة بالصورة [5]
أو الجزء بالجزء الآخر فى المركب فإنما هو اتحاد شىء بشىء خارج عنه لازم أو عارض
فتكون الأشياء التى يكون فيها اتحاد على أصناف.
أحدها أن يكون كاتحاد المادة و الصورة فتكون المادة شيئا لا وجود له
بانفراد ذاته بوجه، و إنما يصير بالفعل بالصورة على أن تكون الصورة أمرا