تعقل ذلك مثل إخطار المضلّعات التى لا نهاية لها بالبال، و مزاوجة
عدد بأعداد لا نهاية لها بالبال، بل بوقوع مناسبة عدد مع مثله مرارا لا نهاية لها
بالتضعيف. فإن هذا أشبه شىء بما نحن فى ذكره.
فأما أنه هل يجوز أن تقوم المعانى العامة للكثرة مجردة عن الكثرة و
عن التصورات العقلية فأمر سنتكلم فيه من بعد.
فإذا قلنا: إن الطبيعة الكلية موجودة فى الأعيان فلسنا نعنى من حيث
هى كلية بهذه الجهة من الكلية، بل نعنى أن الطبيعة التى تعرض لها الكلية موجودة فى
الأعيان. فهى من حيث هى طبيعة شىء، و من حيث هى محتملة لأن تعقل عنها صورة كلية
شىء؛ و أيضا من حيث عقلت بالفعل كذلك شىء، و من حيث هى صادق عليها أنها لو قارنت
بعينها لا هذه المادة و الأعراض بل تلك المادة و الأعراض، لكان ذلك الشخص الآخر
شىء، و هذه الطبيعة موجودة فى الأعيان بالاعتبار الأول، و ليست فيه كلية موجودة،
و بالاعتبار الثانى و الثالث و الرابع أيضا فى الأعيان.
فإن جعل هذا الاعتبار بمعنى الكلية كانت هذه الطبيعة مع الكلية فى
الأعيان، و أما الكلية التى نحن فى ذكرها فليست إلّا فى النفس.
و إذ قد عرفنا هذه الأشياء فقد سهل لنا الفرق بين الكل و الجزء و بين
الكلى و الجزئى، و ذلك أن الكل من حيث هو كل يكون موجودا فى الأشياء، و أما الكلى
من حيث هو كلى فليس موجودا إلّا فى التصور.
و أيضا الكل يعدّ بأجزائه و يكون كل جزء داخلا فى قوامه، و أما الكلى
فإنه لا يعد بأجزائه، و لا أيضا الجزئيات داخلة فى قوامه.
و أيضا فإن طبيعة الكل لا تقوّم الأجزاء التى فيه بل تتقوّم منها، و
أما طبيعة الكلى فإنها تقوم الأجزاء التى فيه. و لذلك فإن طبيعة الكل لا تصير