نسبتها الجاعلة إياها كلية هى إلى أمور من خارج على وجه أنّ أىّ تلك
الخارجات سبقت الى الذهن فجائز أن تقع عليها فيه هذه الصورة بعينها. و إذا سبق
واحد فتأثرت النفس منه بهذه الصفة لم يكن لما خلاه تأثير جديد إلّا بحكم هذا
الجواز المعتبر، فإنّ هذا الأثر هو مثل صورة السابق قد جرّد عن العوارض و هذا هو
المطابقة. و لو كان بدل [1]
أحد هذه المؤثرات أو المؤثّر بها شىء غير تلك الأمور المعروفة و غير مجانس لها
لكان الأثر غير هذا الأثر، فلا يكون مطابقة.
و أما الكلى الذى فى النفس بالقياس إلى هذه الصور التى فى النفس،
فهذا الاعتبار له بحسب القياس إلى أى صورة سبقت من هذه الصور التى فى النفس إلى
النفس.
ثم هذه أيضا تكون صورة شخصية من حيث هى على ما قلناه و لأن فى قوة
النفس أن تعقل، و تعقل أنها عقلت، و تعقل أنها عقلت أنّها عقلت، و أن تركّب إضافات
فى إضافات، و تجعل للشىء الواحد أحوالا مختلفة من المناسبات إلى غير النهاية
بالقوة. فيجب أن لا يكون لهذه الصور العقلية المترتبة بعضها على بعض وقوف، و يلزم
أن تذهب إلى غير النهاية، لكن تكون بالقوة لا بالفعل. لأنه ليس يلزم النفس إذا
عقلت شيئا أن تكون بالفعل تعقل معه الأمور التى تلزمه لزوما قريبا، و أن تخطرها
بالبال فضلا عمّا يمعن فى البعد. فإن ههنا مناسبات فى الجذور الصمّ و فى إضافات
الأعداد كلها قريبة التناول من النفس، و ليس يلزم أن تكون النفس فى حال واحدة تعقل
تلك كلها أو أن تكون مشتغلة على الدوام بذلك، بل فى قوتها القريبة أن
[1] - خبر كان و مقدّم على اسمه، و «شيء» اسم كان و مؤخر على
خبره.