اسم الکتاب : الشفاء - الإلهيات المؤلف : ابن سينا الجزء : 0 صفحة : 17
أو تلك هى الهيولى، و ما يحقق وجوده بالفعل، و تلك هى الصورة. و إذا
لم يكن داخلا فى قوامه فهو إمّا من أجله يوجد السبب، و تلك هى الغاية، أو يكون له
شأن فى وجوده دون أن يكون داخلا فى قوامه، و تلك هى الفاعلية. و قد تعدّ هذه العلل
خمسا، على اعتبار أن العنصر من حيث هو هيولى عامة، و من حيث دخوله فى موجود معين
هيولى خاصة، و هذا تكرار فى الواقع [1].
و العنصرية استعداد لقبول شىء كاستعداد اللوح للكتابة، و الخشب لأن
يكون سريرا، و الآحاد لأن تكون عددا [2]. و كل عنصر من حيث هو عنصر له القبول فقط، و أما حصول الصورة فله من
غيره [3]. و انتقال العنصر من حال القوة قد يتم
دون تركيب فيسمى موضوعا بالقياس إلى ما هو فيه، أو بتركيب فيسمى أسطقسا، و هو أصغر
ما ينتهى إليه القاسم فى القسمة [4].
و يقال صورة لكل ما يصلح أن يفعل، و بهذا المعنى تشمل الجواهر
المفارقة. و يقال أيضا على كل ما تتقوّم به المادة و تكمل، فتنشأ عنها الحركات و
الأعراض المختلفة. و تقال أخيرا على نوع الشىء و فصله و جنسه [5]. و بذا استوعب ابن سينا مختلف المعانى
التي ذهب إليها أرسطو فى مدلول الصورة، و جعلها تواجه نظريتى التغير و المعرفة، بل
و عالم اللامتغير.
و الفاعل ما يفيد شيئا آخر وجودا ليس له من ذاته، و ليس بلازم أن
يكون مؤثرا بالفعل بل قد يكون مفعوله معدوما، ثم يعرض له ما يصير معه فاعلا [6]. و قد يظن أن الشىء إنما يحتاج إلى
العلة الفاعلة فى حدوثه، فإن وجد استغنى عنها، و إذن هى لمجرد الحدوث و لا بد لها
أن تسبق المعلول، و لا داعى لأن تصاحبه. و هذا ظن باطل، لأن الوجود بعد الحدوث إن
كان بالذات فلا يحتاج إلى علة خارجة عنها، و إن كان بغير الذات فإنه